الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشجاج ) بكسر أوله جمع شجة بالفتح ( الرأس والوجه عشر ) باستقراء من كلام العرب وجرح غيرهما لا يسمى شجة ، فدعوى أن الإضافة إليهما من إضافة الشيء إلى نفسه غير صحيحة ; لأن الرأس والوجه ليسا عين الشجة بل هما شرطان في تسميتها شجة فالأقرب أن يكون المراد بها هنا مطلق الجرح وأن الإضافة للتخصيص ، ومحل ما ذكر في الشجة حيث أطلقت بخلاف ما لو أضيفت كما هنا على أن جماعة أطلقوها على سائر جروح البدن ، أولها طبعا ووضعا [ ص: 283 ] ( حارصة ) بمهملات ( وهي ما تشق الجلد قليلا ) نحو الخدش ويسمى الحرصة والحريصة والقاشرة ( ودامية ) بتخفيف الياء ( تدميه ) بضم أوله أي الشق بغير سيلان دم وإلا فدامعة بمهملة وبهذا الاعتبار تبلغ الشجاج إحدى عشرة ( وباضعة ) من البضع وهو القطع ( تقطع اللحم ) بعد الجلد : أي تشقه شقا خفيفا من بضع قطع ( ومتلاحمة تغوص فيه ) أي اللحم ولا تبلغ الجلدة بعده سميت بما يئول إليه من التلاحم تفاؤلا ( وسمحاق ) بكسر سينه ( تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم ) وهي المسماة بالسمحاق حقيقة من سماحق البطن وهي الشحم الرقيق ( وموضحة ) ولو بغرز إبرة ( توضح العظم ) بعد خرق تلك الجلدة : أي تكشفه ( وهاشمة تهشمه ) أي تكسره وإن لم توضحه ( ومنقلة ) بتشديد القاف مع كسرها أفصح من فتحها ( تنقله ) من محله لغيره وإن لم توضحه وتهشمه ( ومأمومة تبلغ خريطة الدماغ ) المحيطة به ، وهي أم الرأس ( ودامغة ) بغين معجمة ( تخرقها ) أي خريطة الدماغ وتصله ، وهي مذففة على رأي وتتصور كلها في الجبهة وما سوى الأخيرين في الخد وقصبة الأنف واللحي الأسفل بل وسائر البدن على ما يأتي ( ويجب القصاص في الموضحة فقط ) لضبطها وتيسر استيفاء مثلها بخلاف غيرها ( وقيل ) يجب فيها ( وفيما قبلها ) لإمكان معرفة نسبتها من الموضحة .

                                                                                                                            ورد بأن هذا الإمكان لا يكفي مثله للقصاص بل لتوجيه القول بوجوب القسط من أرش الموضحة بنسبته إليها ( سوى الحارصة ) كما زاده على أصله فلا قود فيها جزما ; إذ لم يفت بها شيء له وقع

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : غير صحيحة ) كذا في حج ، ويمكن أن يقال بصحتها مع تسامح ; لأن الشجة هي جراح الرأس والوجه فكأنه قيل وجراح الرأس والوجه المضافة إليهما ، فلما اشتمل المضاف وهو الشجاج باعتبار معناه إلى الرأس والوجه كان من إضافة الشيء إلى نفسه حكما

                                                                                                                            ( قوله : فالأقرب ) أي في توجيه المتن لما يقال لا معنى لإضافة الشجاج للرأس إذ لا يكون إلا فيه

                                                                                                                            ( قوله : ومحل ما ذكر : أي في الشجة ) أي من أنها لا تطلق إلا على جرح الرأس والوجه

                                                                                                                            ( قوله : على أن جماعة أطلقوها ) أي على سائر جروح البدن : أي وعليه فالإضافة للتخصيص بلا تأويل

                                                                                                                            ( قوله : طبعا ووضعا ) قد يتوقف فيه بالنسبة لنحو الهاشمة والمنقلة من كل ما لا يتوقف على قطع جلد فإنه لا يتوقف على [ ص: 283 ] الحارصة ولا ما بعدها ، والترتب الطبيعي ضابطه أن يتوقف الثاني على الأول ولا يكون الأول علة له إلا أن يقال : إنه باعتبار الغالب

                                                                                                                            ( قوله : حارصة ) ع : سميت حارصة من حرص القصار الثوب إذا شقه قاله الجوهري ا هـ سم على منهج ( قوله : تدميه ) بضم أوله .

                                                                                                                            أي مع سكون الدال وكسر الميم مخففة وبفتح الدال وكسر الميم مشددة .

                                                                                                                            قال في القاموس : دمي كرضي دمى وأدميته ودميته

                                                                                                                            ( قوله : تقطع اللحم بعد الجلد ) انظر هل هو قيد للباضعة حتى يخرج قطع اللحم بعد قطع الغير للجلدة ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ويمكن جعله حالا من اللحم وليس متعلقا ب ( تقطع ) فيكون فعل الثاني باضعة وإن لم يقطع شيئا من الجلد ، ويحتمل وهو الظاهر أنه من مسماها حتى لو قطع واحد الجلد بتمامه ، وآخر اللحم لا يكون على الثاني أرش باضعة بل ما يليق بجنايته وتكون الباضعة مشتركة بينهما

                                                                                                                            ( قوله : ومتلاحمة ) قال الشيخ عميرة : قال الأزهري : الوجه أن يقال اللاحمة : أي القاطعة للحم ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            أقول : والجواب ما ذكره الشارح بقوله سميت إلخ

                                                                                                                            ( قوله : بالسمحاق ) أي في لغة أهل الحجاز وأما أهل المدينة فيسمونها الملطى والملطاة ا هـ سم على منهج ( قوله : أفصح من فتحها ) ولعل المعنى على الفتح منقل بها بالتشديد فحذف الجار واتصل الضمير



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فدعوى أن الإضافة إلخ . ) هذا مفرع على ما أفهمه قوله : وجرح غيرهما لا يسمى شجة : أي فلا يسمى شجة إلا جرحهما فالإضافة حينئذ من إضافة الاسم إلى المسمى لا من إضافة الشيء إلى نفسه فدعوى إلخ . وعبارة التحفة : فالإضافة إليهما من إضافة الشيء إلى نفسه كذا قيل إلخ . فالمفرع فيها هو المردود في تفريع الشارح والتفريع فيها ظاهر ( قوله : ومحل ما ذكر في الشجة إلخ . ) جواب عن سؤال مقدر ، فكأن موردا أورد عليه ما سبق ذكره في الشجة فقال : ومحل ما ذكر في الشجة حيث أطلقت فلا ورود ( قوله : طبعا ووضعا ) يرد عليه ما سيأتي من أن كلا من الهشم والتنقيل يحصل بغير شيء يثقل [ ص: 283 ] قوله : بل وسائر البدن إلخ . ) أي في الصورة ، وإلا فقد مر أن هذه الأسماء تختص بالرأس والوجه




                                                                                                                            الخدمات العلمية