الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو قطار [ ص: 319 ] ونحوه ; أو أزال باب المسجد ، أو سقفه ، أو أخرج قناديله ، أو حصره أو بسطه ، إن تركت به

التالي السابق


( أو ) سرق بعيرا أو غيره من ( قطار ) بكسر القاف ، وإهمال الطاء والراء ، أي دواب ربط بعضها ببعض حال سيرها فيقطع بحل شيء منها وبينونته به . ابن عرفة من حل بعيرا من القطار في سيره وبان به يقطع . الصقلي روى محمد إن سقيت الإبل غير مقطورة فمن سرق منها يقطع والمقطورة أبين ، وكذا الراجعة من المرعى وهي تساقي غير مقطورة قد خرجت من حد المرعى ولم تصل إلى مراحها فيقطع سارقها .

اللخمي اختلف إن سرق وهي سائرة إلى المرعى أو راجعة منه غير مقطورة ، ومعها من يسوقها فقيل يقطع ، وقيل لا البناني قوله وبان به ذكره في مختصر البرادعي ، ومثله في الأمهات كما في أبي الحسن ونصه قوله وبان به في الأمهات . قال ابن القاسم لم يحد [ ص: 319 ] لنا الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في هذا حدا إلا أنه قال إن احتلها من ربطها وسار بها قطع فيظهر منه أنه لا يقطع إذا احتلها وقبضها حتى يبين بها خلاف ما في سماع محمد ابن خالد من ابن القاسم في المصلي يجعل ثوبه قريبا منه وهو في المسجد ، ثم يقوم يصلي فيسرق الثوب أنه يقطع إذا قبضه ، وإن لم يتوجه به . ا هـ . فقول ابن ناجي لا مفهوم له إنما استند فيه ، والله أعلم لما ذكره أبو الحسن عن السماع ، وقال ابن مرزوق قوله وبان به ليس في الأمهات ، وبنى عليه المتأخرون عنه أنه لا مفهوم له وأنه يقطع بمجرد الحل ، وقد تبين أنه خلاف النقل ، والله أعلم .

( ونحوه ) أي القطار كسوقها مجموعة ( أو أزال ) السارق ( باب المسجد ) عن موضعه ولو لم يخرجه ( أو ) أزال ( سقفه ) عن محله فيقطع في كل منهما ( أو أخرج ) السارق ( قناديله ) أي المسجد منه فيقطع كان عليه غلق أو لا ليلا أو نهارا قاله ابن الماجشون وأصبغ . وقال أشهب لا يقطع للإذن له في دخوله ( أو ) أخرج ( حصره ) بضم الحاء المهملة جمع حصير فيقطع عند الإمام مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما ( أو ) أخرج ( بسطه ) بضم الموحدة وسكون السين جمع بساط فيقطع ( إن تركت ) بضم الفوقية وكسر الراء البسط ( في ) أي المسجد ليلا و نهارا دائما ، فإن كانت ترفع منه في غير أوقات اجتماع الناس للصلاة وتركت في غيرها فسرقت فلا يقطع سارقها . ابن عرفة سمع عيسى ابن القاسم من سرق أبواب المسجد يقطع . ابن رشد من سرق شيئا من سائر المساجد التي تغلق ليلا أو نهارا مما هو مثبت به كجائزة وباب يقطع . قلت للشيخ عن الموازية أشهب لا قطع في بلاط المسجد . أصبغ فيه القطع . محمد كسرقة بابه أو خشبة من سقفه أو جوائزه ، وفي القطع في قناديله ، ثالثها إن كان مغلقا عليه للشيخ عن أصبغ مع ابن رشد عن أحد قولي ابن القاسم ، ونقل العتبي عنه من سرق من المسجد الحرام أو مسجد لا يغلق عليه لا يقطع وفي حصره ، ثالثها [ ص: 320 ] إن تسور عليها ليلا ، ورابعها إن خيط بعضها ببعض ، وخامسها إن كان عليه غلق ، ثم قال عن ابن الماجشون الطنفسة يبسطها الرجل في المسجد لجلوسه إن جعلها كحصير من حصره فسارقها كسارق الحصير ، وإن كان يذهب بها ونسيها فيه فلا قطع فيها ولو كان على المسجد غلق لأنه ليس حرزا لها ولم يكلها ربها إليه ، هذا قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ، وسمع عيسى ابن القاسم من سرق بساطا من بسط المسجد التي تطرح فيه في رمضان إن كان عنده صاحبه حين سرق يقطع وإلا فلا يقطع .

ثم قال وسمع أبو زيد لا يقطع من سرق من حلي الكعبة لأنهم يؤذنون في دخولها . ابن رشد كان الحلي متشبثا بما هو فيه أو موضوعا بالبيت ومن لم يؤذن له في دخوله يقطع فيما سرق منه ليلا أو نهارا إذا أخرج به من البيت إلى موضع الطواف الشيخ عن ابن الماجشون من سرق من ذهب باب الكعبة يقطع .

( تنبيهات )

الأول : شب قوله أو أخرج قناديله إلخ ، هذه عبارة ابن الحاجب ، واعترضها ابن عبد السلام والمصنف بأن الإخراج لا يشترط ، بل إزالتها عن محلها كافية على المذهب ، ومحل الخلاف إذا لم تكن القناديل أو الحصر أو البسط مسمرة وإلا فيقطع بإزالتها اتفاقا فالمعتمد أن القناديل والحصر والبسط حكمها حكم السقف والباب فيقطع بإزالتها عن محلها ، وإن لم يخرجها منه ، سواء كانت مسمرة أم لا ، فالأولى حذف قوله أخرج .

الثاني : قوله إن تركت فيه ، أي ليلا ونهارا حتى صارت كالحصر قيد في البسط فقط ، وأما الحصر والقناديل فشأنهما تركهما به دائما فلا يحتاجان إلى تقييدها به ، والله أعلم .




الخدمات العلمية