الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقدم لضيق الثلث ، فك أسير ، [ ص: 548 ] ثم مدبر صحة ثم صداق مريض ، ثم زكاة [ ص: 549 ] أوصى بها ، إلا أن يعترف بحلولها ، ويوصي ، فمن رأس المال ، كالحرث والماشية ، وإن لم يوص بها ، [ ص: 550 ] ثم الفطر ، ثم كفارة ظهار وقتل وأقرع بينهما ، ثم كفارة يمينه ، [ ص: 551 ] ثم فطر رمضان ، ثم للتفريط ، ثم النذر ثم المبتل ، ومدبر المرض ; ثم الموصى بعتقه معينا عنده أو يشترى أو لكشهر ، أو بمال فعجله ، [ ص: 552 ] ثم الموصى بكتابة ; والمعتق بمال ، والمعتق إلى أجل بعد ، ثم المعتق لسنة على الأكثر ، [ ص: 553 - 554 ] ثم بعتق لم يعين ، ثم حج إلا لصرورة فيتحاصان ، كعتق لم يعين ، ومعين غيره ، وجزئه

التالي السابق


( و ) إن أوصى بوصايا أو لزمه أشياء من الثلث وضاق عنها ( قدم ) بضم فكسر مثقلا ( لضيق الثلث ) لمال الميت يوم التنفيذ عما يجب إخراجه منه بإيصاء أو غيره فيقدم ( فك ) بفتح الفاء وشد الكاف ، أي فداء شخص ( أسير ) مسلم من الحربيين أوصى به . ابن عرفة ابن رشد كان أبو عمر الإشبيلي [ ص: 548 ] يرى تبدئة الوصية بفك الأسير على كل الوصايا مدبر الصحة وغيره ، ويحتج برواية أشهب في الجهاد ، وحكاه ابن عتاب قائلا : أجمع الشيوخ على ذلك ، وهو صحيح . ( تنبيهات )

الأول : أحمد قوله أسير ، أي مسلم كما يفيده كلام المواق والشارح ، فإن أوصى بفك أسير ذمي فهو من الصدقة . عج هذا بحث لا نقل اللقاني ظاهر المدونة وابن عرفة أن هذا القيد غير معتبر ، فلا فرق بينهما لصحة الوصية للذمي . البناني فيه نظر ; إذ لا نص له فيها ، وإنما نقلها الإشبيلي عن أشهب عن الإمام رضي الله تعالى عنهم وليس في نصه تقييد بالمسلم .

الثاني : قدم فك الأسير ; لأنه يخاطب به في الصحة ، بخلاف المدبر وصداق المريض ، فإنما ينظر فيهما بعد موته فضعفا عنه مع ما فيه من رفع الأذى الذي ليس في غيره . ( ثم ) يقدم ( مدبر ) بفتح الموحدة مثقلة الرشيد في حال ( صحة ) له إن بقي شيء من الثلث بعد فك الأسير ( ثم ) يقدم في باقي الثلث ( صداق ) زوجة زوج ( مريض ) مرضا مخوفا حال عقده عليها وبنى بها ومات منه فلزمه لها الأقل من المسمى ، وصداق مثلها ، والثلث أوصى به أم لا . ابن رشد أو ما يخرج من الثلث المدبر في الصحة ، وصداق المريض إذا دخل في مرضه فهما سواء يتحاصان ، وقيل يبدأ صداق المريض ، والأقوال الثلاثة لابن القاسم .

عبد الحق : يقدم مدبر الصحة لأن النكاح أحدث بعده في المرض ، وليس له أن يحدث شيئا في مرضه يبطله أو ينقصه ، هذا هو المشهور من أقوال ابن القاسم ، وثانيها تقديم الصداق لأنه معاوضة ، ومن الناس من رآه من رأس المال ، ثالثها : يتحاصان لأن لكل منهما مرجحا .

( ثم ) يقدم من باقي الثلث ( زكاة ) لعين أو حرث أو ماشية ; إذ المراد الزكاة التي فرط فيها في صحته وصارت دينا عليه فشملت الثلاث وبالزكاة الشاملة لها عبر ابن الحاجب وقرره في توضيحه على عمومه ، ونحوه لابن عبد السلام ، وبها عبر في المدونة أيضا [ ص: 549 ]

( أوصى ب ) إخراج ( ها ) من ماله فتخرج من باقي ثلثه بعد إخراج ما تقدم في كل حال ( إلا أن يعترف ) الموصي ( بحلولها ) أي الزكاة عليه بتمام حول المال من يوم زكاته أو ملكه ( ويوصي ) بضم التحتية وكسر الصاد بإخراجها ( ف ) تخرج ( من رأس ) أي جميع ( المال ) قاله ابن القاسم .

وقال أشهب : تخرج من رأس المال ، وإن لم يوص بإخراجها . ابن عرفة في كون زكاة عين حلت في مرضه من رأس ماله مطلقا ، أو إن أوصى بها إلا أمر الوارث بها ، ولا يجبر قولا اللخمي مع أشهب وابن القاسم ولمحمد فيمن علم منعه زكاته ، وأمر بها في مرضه ، فقال : حتى أصح تخرج من ثلثه وصوب اللخمي كونها من رأس ماله لقول محمد في متمتع مات إثر نفره ولم يهد لتمتعه يهدي من رأس ماله ، وخرج عليه في عتق ظهار من مات قبل تفريطه في عتقه كونه من رأس ماله ، فقول ابن شاس : إن عرف حلولها ، وأنه لم يخرجها فمن رأس ماله اتباع للخمي لا للمشهور .

وقول ابن الحاجب إن اعترف بحلولها حينئذ وأنه لم يخرجها فمن رأس ماله خلاف اقتضاء ظاهر الروايات شرط علم حلولها حينئذ من غيره ، وصحة تعليل الصقلي ما أخرج منها من الثلث بكونه لم يعلم إلا من قبله ، وفيها من حلت زكاة عينه في مرضه أو أتاه مال غائب فأمر بزكاته فمن رأس ماله في النكت يبدأ عليها مدبر الصحة وصداق المريض ; لأن وجوبها عليه إنما علم بقوله ، ولا يدرى أصدق أم لا ، فحكم المدبر والصداق أقوى . وشبه في الإخراج من رأس المال فقال ( ك ) زكاة ( الحرث و ) زكاة ( الماشية ) إن مات مالكهما بعد إفراك الحب وطيب الثمر ومجيء الساعي ، فتخرج من رأس المال إن أوصى بإخراجها ، بل ( وإن لم يوص ب ) إخراج ( ها ) ابن رشد أول ما يخرج من كل التركة الحقوق المعينات مثل أم الولد والرهن وزكاة ثمن الحائط الذي أزهى ، وزكاة الماشية إذا [ ص: 550 ] مات عند حلولها وفيها السن الذي وجب فيها ، فهذه كلها تخرج وإن أتت على جميع التركة ( ثم ) يخرج من باقي الثلث زكاة ( الفطر ) من رمضان الماضية التي فرط في إخراجها ، وأما الحاضرة التي مات بعد وجوبها عليه فتخرج من رأس ماله إن كان أوصى بها ، وإن لم يوص بها أمر وارثه بإخراجها بلا جبر .

ابن القاسم من مات يوم الفطر أو ليلته ، وقد أوصى بالفطر فهي من رأس المال ، فإن لم يوص بها أمر ورثته بإخراجها ، ولا يجبرون كزكاة عين حلت في مرضه . وقال أشهب : هي من رأس ماله أوصى بها أو لم يوص كمن مات ، وقد أزهى حائطه أو طاب كرمه أو أفرك حبه واستغنى عن الماء فزكاته على الميت في رأس ماله إن بلغ ما فيه الزكاة أوصى بذلك أو لم يوص ، ولم يختلف في هذا ابن عرفة .

ابن زرقون المشهور تبدئة زكاة الفطر على كفارة الظهار والقتل ; لأنه قيل زكاة الفطر فرض ، وكفارة الظهار والقتل هو الذي أدخلها على نفسه .

( ثم ) يخرج من باقي الثلث ( عتق ) كفارة ( وظهار و ) عتق كفارة ( قتل ) خطأ فرتبتهما واحدة ( وأقرع ) بضم الهمز وكسر الراء ( بينهما ) أي عتق الظهار وعتق القتل إن ضاق الباقي عنهما .

وأما كفارة قتل العمد فداخلة في قوله الآتي آخر المراتب ومعين غيره لندبها في النكت ، ثم العتق في الظهار وقتل النفس بعد الزكاة لأنها لا عوض لها ، فهي أقوى فإن ضاق الثلث عنهما ولم يحمل إلا رقبة واحدة فرأيت للإبياني أن معنى المدونة أن يقرع بينهما ، وذهب بعض القرويين إلى المحاصة بينهما ، فما ناب الظهار أطعم به ، وما ناب القتل شورك به في رقبة . وفي المسألة تنازع كثير . ( ثم ) يخرج من باقي الثلث ( كفارة يمين ) باسم الله تعالى ، وما ألحق به في النكت يبدأ عتق الظهار والقتل على كفارة اليمين لتخييره فيها بين العتق والإطعام والكسوة ، وكفارة الظهار ، والقتل مقصورة على شيء واحد لا ينتقل عنه إلا لعدمه فحكمهما أقوى . الإمام مالك " رضي الله عنه " إنما يبدأ بكفارة اليمين إذا علم أنه عليه ، فإن أوصى بها تحنثا وتحرجا فلا تبدأ كالوصية بالصدقة . [ ص: 551 ]

( ثم ) يخرج من باقيه كفارة ( لفطر رمضان ثم ) يخرج منه كفارة ( لتفريط ) تأخير قضاء فطر ( هـ ) أي رمضان إلى دخول رمضان الذي يليه . ابن رشد ثم كفارة الفطر في رمضان متعمدا ثم كفارة التفريط في قضاء رمضان ، هذا على ما في كتاب الصيام منها ، وهو أظهر في النكت لما لم يكن في كفارة رمضان نص في الكتاب ضعفت عن كفارة اليمين .

( ثم ) يوفى من الباقي ( النذر ) ظاهره كان في صحة أو مرض اشتهر أو علم من جهته فقط في النكت ، ثم بعد إطعام رمضان النذر ; لأن إطعام كفارة رمضان وجب بنص السنة ، والنذر هو الذي اختار إدخاله فهو أضعف .

وفي المقدمات ثم المنذور قاله ابن أبي زيد إذا أوصى به .

( ثم ) يخرج من الباقي ( المبتل ) بفتح الفوقية مثقلا ، أي المنجز عتقه في المرض ( ومدبر ) هـ في ( المرض ) للسيد الذي مات منه فهما سواء على ظاهر المذهب إن كانا في فور واحد ، وإلا قدم سابقهما في النكت ، ثم بعد النذر العتق المبتل في المرض والمدبر فيه على مذهب أبي محمد ، ووجهه أن النذر وجب في حال الصحة ، وهذان إنما وجبا في حال الحجر بالمرض فضعفا عنه ، وقيل يحاص المبتل في المرض المدبر فيه إن كان في فور واحد ، فإن تقدم أحدهما بدئ به .

( ثم ) يخرج من الباقي الرقيق ( الموصى ) بفتح الصاد ( بعتقه ) حال كونه ( معينا ) بفتح الياء مثقلا ( عنده ) أي الموصي كعبدي فلان ( أو ) معينا عند غيره كسعيد عبد زيد ( يشترى ) بضم الياء وفتح الراء له ( أو ) معينا أوصى بعتقه ( لكشهر ) أو نحوه ( أو ) معينا ( أوصى بعتقه على مال ) يؤخذ منه فالأربعة في مرتبة واحدة فيتحاصون عند الضيق . ابن مرزوق شمل الموصى بعتقه على مال ما أوصى بعتقه على مال معجل فعجله ، [ ص: 552 ] وما أوصى بعتقه على مال مؤجل فعجله ، وما أوصى بعتقه على مال مطلق فعجله فحكمها واحد على الظاهر ، ومثله الموصى بكتابته فعجلها فهؤلاء كلهم في مرتبة واحدة فيتحاصون عند الضيق وأخرت عن مبتل المرض ومدبره لأن له الرجوع فيها دونهما فيها ، ثم يبدأ بالمبتل والمدبر في المرض معا ثم الموصى بعتقه بعينه والمشترى له بعينه .

اللخمي وقال محمد : يبدأ الذي في ملكه وهذا أبين ; لأن الملك مترقب في الذي ليس في ملكه . ابن رشد ثم بعد هذا الموصى بعتقه بعينه والموصى أن يشترى فيعتق والموصى بعتقه على مال إذا عجله والموصى بكتابته إذا عجلها والموصى بعتقه إلى شهر وما أشبه لا يبدأ أحدهم على صاحبه ويتحاصون . ( ثم ) يخرج من الباقي ( الموصى ) بفتح الصاد ( بكتابته ) ولم يعجلها ( والمعتق ) بالفتح ( بمال ) ولم يعجله ( وأعتق ) بالفتح ( إلى أجل بعد ) بضم العين عن نحو الشهر ولم يبلغ سنة فهؤلاء الثلاثة في مرتبة واحدة فيتحاصون إذا ضاق ( ثم ) يخرج من الباقي ( المعتق لسنة ) ويقدم ( على ) المعتق إلى ( أكثر منها ) أي السنة . " غ " وكذا في المقدمات فإنه ذكر فيها المعتق لشهر ثم لسنة ثم لسنتين كما فعل المصنف إلا أن زيادته هنا المعتق لأجل بعيد بعد المعتق لشهر وقبل المعتق لسنة كما ترى ، وحمله على أقل من سنة حتى يكون مرتبة زائدة لم أره لغيره .

" ق " في النكت أن الموصى بعتقه يتحاص مع الموصى أن يعتق إلى أجل قريب كالشهر ونحوه ، ومع الموصى بعتقه على مال فعجله ، قال ثم بعد ذلك الموصى أن يعتق إلى أجل كالسنة ونحوها ، ثم الموصى أن يكاتب أو يعتق على مال فلم يعجله قال : ولو أوصى بعتق العبد إلى أجل بعيد تحاصص هو والموصى أن يكاتب أو يعتق على مال ويصيران في درجة متقاربة ، ثم قال المواق وكذا لابن رشد أن الموصى بعتقه إلى سنة مبدأ على الموصى بعتقه إلى سنتين ومن في درجته واعتمد هذا شب فقال : الذي تجب به الفتوى أن العتق لسنة [ ص: 553 ] أو أكثر مقدم على الموصى بكتابة والمعتق على مال يؤديه ولم يعجله ، وليس بين المعتق لسنة والمعتق لشهر مرتبة ، لكنه قال : وكلام ابن مرزوق أفاد أن المعتق لسنة أو أكثر في مرتبة واحدة ، وهو المعتمد وأنها تلي مرتبة المعتق لشهر ، وأن مرتبة الموصى بكتابته والمعتق على مال فلم يعجله تلي مرتبة المعتق لسنة أو أكثر ا هـ وتبعه العدوي .

قلت : هذا خلاف ما تقدم في كلام " ق " عن عبد الحق وابن رشد من أن المعتق لسنة مقدم على المعتق لأكثر منها كما قال المصنف ، وأن المكاتب والمعتق على مال بلا تعجيل فيهما يتحاصان مع المعتق لأكثر من سنة .

البناني وقرره الحط على وجه يوافق النقل ، فقال قوله : بعد أي كعشر سنين ، ومعنى ثم المعتق لسنة على أكثر منها أن المعتق لسنة يقدم على المعتق لأكثر منها ، وما هو في مرتبته وهو الموصى بكتابته ، ولم يعجلها المعتق على مال ، ولم يعجله إلا أن الصواب على هذا الإتيان بالواو بدل ثم ، وهو أحسن ، ويستفاد من تقرير الحط أن المعتق لسنة مقدم على الموصى بكتابته وما معه ، وهو الذي في المواق ، والذي في عج عن ابن مرزوق أن المعتق لسنة أو أكثر في مرتبة واحدة ، وأنهما معا مقدمان على الموصى بكتابته . والمعتق على مال ، ونحو ذلك في المواق عن عبد الحق والله أعلم .

ونص الحط قوله ثم الموصى بكتابته ، والمعتق بمال ، والمعتق إلى أجل بعد ، يعني أن الموصى بكتابته ، ولم يعجلها والموصى بعتقه على مال ولم يعجله والمعتق إلى أجل بعيد كعشر سنين . قوله ثم لسنة على أكثر ، يعني وأما المعتق لسنة فيقدم على المعتق لأكثر منها ، وما معه ، وكانت الواو هنا أولى من ثم ، ويشير إلى ما نقله في التوضيح عن عبد الحق ، قال : وقدم عبد الحق المعتق إلى سنة على المكاتب ، وجعل المكاتب يتحاص مع المعتق إلى أجل بعيد كعشر سنين ، ومع المعتق على مال فلم يعجله ا هـ وبهذا يستقيم كلام المصنف ، والله أعلم . فانظر نقل التوضيح عن عبد الحق ، فإنه موافق لنقل المواق عنه ، ولكلام المصنف هنا في قوله لسنة على أكثر ، والله أعلم . [ ص: 554 ] ثم ) ينفذ من الباقي ( عتق ) لرقيق ( لم يعين ) بفتح الياء الثانية مثقلا بأن قال أعتقوا عني رقبة ( ثم ) ينفذ من الباقي ( حج ) عن الموصي بأجرة ( إلا ل ) موص ( صرورة ) أي من لم يحج حجة الإسلام ( فيتحاصان ) أي عتق غير المعين ، وحج الصرورة . ابن رشد اختلف في الوصية بالعتق بغير عينه وبالمال وبالحج فقيل إنها كلها سواء في التحاصص وهو أحد قولي مالك رضي الله تعالى عنه في المدونة . وقيل : يبدأ بالعتق على الحج ويتحاصص مع المال ، وهو قوله الثاني . فيها وهذا الخلاف لابن القاسم أيضا ، ومعناه في الصرورة .

وأما حجة التطوع فلم يختلف قولهما أن العتق يبدأ عليها ، ولا في أن الحج لا يبدأ على المال ، وهل يبدأ المال على الحج أو يتحاصان اختلف قول ابن القاسم في ذلك .

وشبه في التحاصص فقال ( كعتق ) لرقيق ( لم يعين ) بفتح الياء الثانية مثقلة ( ومعين غيره ) أي العتق ك : هذا الثوب لزيد . ابن عرفة فيها : إن أوصى بمال وبنسمة بغير عينها تحاصا ، وسمع موسى بن معاوية من أوصى بعتق رقبة تشترى وأوصى بوصايا وضاق الثلث تحاصوا فيه . ابن رشد مثله في المدونة من أن الرقبة بغير عينها لا تبدأ على الوصايا ( و ) وصية ب ( جزء ) من مال الموصي كثلثه فهذه الثلاثة في مرتبة واحدة فتتحاصص في الثلث إذا ضاق عنهما .

( تنبيهات )

الأول : البناني ابن عبد السلام والمصنف المراد بالمعين العدد المسمى كعشرة دنانير مع إيصائه بثلث أو ربع فيتحاصان عند ابن القاسم في المدونة وهو المشهور من ثلاثة أقوال ، وهو مقيد بما إذا لم يقل من ثلثي ، فإن قال من ثلثي نحو لفلان الثلث ونحو لفلان عشرة من ثلثي ، فإن ابن رشد قال : لا خلاف أن صاحب العدد هو المبدأ .

الثاني : البناني مراد المصنف بالجزء جزء المال كالربع والخمس لا جزء المعين كنصف [ ص: 555 ] بقرة أو جمل ، فإن هذا من المعين . الحط في التوضيح : المراد بالمعين العدد المسمى كعشرة دنانير ا هـ أراد وكذلك العبد والدابة والثوب والكتاب ونحوها قوله : وجزء أي جزء غير المعين كربع المال أو سدسه فيتحاصون ولا يقدم أحدهم على الآخر . طفي تقرير تت لمعين غيره كالشارح وهو الذي في ابن عبد السلام والتوضيح ، ويحتمل أن يفسر معين غيره بالموصى به معينا ك : هذا الثوب أو هذا العبد ، وهو قولها من أوصى ثلث ماله وربع ماله وبشيء بعينه لقوم نظر إلى قيمة هذه المعينات ، وإلى ما أوصى به من الثلث والربع فيضربون في ثلث الميت بمبلغ وصاياهم ، فما صار لأصحاب الأعيان أخذوه ، وما صار للآخرين كانوا به شركاء مع الورثة ا هـ .

الثالث : الحط يتحصل من كلامه أن العتق غير المعين وحج الصرورة ومعين غير العتق وجزء المال كربعه وثلثه في مرتبة واحدة وبعدها حج غير الصرورة والله أعلم .

الرابع : ابن عرفة ابن زرقون للناس أشعار في ترتيب الوصايا على مشهور مذهب مالك رضي الله عنه ، فاخترت قول بعضهم :

صداق المريض في الوصايا مقدم ويتلوه ذو التدبير في صحة الجسم وقيل هما سيان حكمهما معا
وقيل بذي التدبير يبدأ في الحكم وإن ضيع الموصي زكاة فإنها
تبدأ على ما بعد هذين في النظم وكفارتان بعدها لظهاره
وللقتل وهما لا بعمد ولا جرم ويتلوهما كفارة الحلف توبعت
بكفارة الموصي عن الصوم ذي الوصم ونذر الفتى تال لما قد نظمته
وما بتل الموصي ودبر في السقم هما يتلوان النذر ثم وصاته
بعتق الذي في ملكه يا أخا الفهم مع المشترى من ملك زيد معينا
ليعتق عنه للنجاة من الإثم وما أعتق الموصي بتوقيت حنثه
لشهر ونحو الشهر من أجل حتم وإن كان عتق بعد مال مؤجل
فعجله ذو العتق قبل انقضا القسم [ ص: 556 ] يساوي بهم عند الحصاص حقيقة
كذا حكمهم يا صاح في موجب العلم وبعدهم ما كان عتقا مؤجلا
لبعد من التأجيل في مقتضى الرسم فذاك مع الموصى به لكتابة
ومن كان بعد المال يعتق بالغرم يبدون قبل المشترى لعتاقة
بلا نص تعيين عليه ولا حكم ومن بعده الحج الموصى بفعله
وقيل هما سيان في مقتضى الحكم غشي المبادي نظمها نظم لؤلؤ
فدونكها نظما صحيحا بلا وهم

ا هـ ونقله في التوضيح أيضا . وفي الحاشية نظم آخر لأبي حفص الهوزني فيه زيادة فوائد .




الخدمات العلمية