[ ص: 103 ] ذكر البريدي ببغداذ ما فعله
لما استولى على بغداذ أخذ أصحابه في النهب والسلب وأخذ الدواب ، وجعلوا طلبها طريقا إلى غيرها من الأثاث ، وكبست الدور ، وأخرج أهلها منها ونزلت ، وعظم الأمر ، وجعل على كر من الحنطة والشعير وأصناف الحبوب خمسة دنانير ، وغلت الأسعار فبيع كر الحنطة بثلاثمائة وستة عشر دينارا ، والخبز الخشكوار رطلين بقيراطين صحيح أميري ، وحبط أهل الذمة ، وأخذ القوي بالضعيف ، وورد من الكوفة وسوادها خمسمائة كر من الحنطة والشعير ، فأخذه جميعه وادعى أنه للعامل بتلك الناحية .
ووقعت الفتن بين الناس ، فمن ذلك أنه كان معه طائفة من القرامطة ، فجرى بينهم وبين الأتراك حرب قتل فيها جماعة ، وانهزم القرامطة ، وفارقوا بغداذ ، ووقعت حرب بين الديلم والعامة ، قتل فيها جماعة من حد نهر طابق إلى القنطرة الجديدة .
وفي آخر شعبان زاد البلاء على الناس ، فكبسوا منازلهم ليلا ونهارا ، واستتر أكثر العمال ( لعظيم ما ) طولبوا به مما ليس في السواد ، وافترق الناس ، ( فخرج الناس ) وأصحاب السلطان إلى قرب من بغداذ ، فحصدوا ما استحصدوا من الحنطة والشعير ، وحملوه بسنبله إلى منازلهم ، وكان مع ذلك ينهب ويعسف أهل العراق ويظلمهم ظلما لم يسمع بمثله قط ، والله المستعان .
( وإنما ذكرنا هذا الفصل ليعلم الظلمة أن أخبارهم تنقل وتبقى على وجه الدهر ، فربما تركوا الظلم لهذا إن لم يتركوه لله ، سبحانه وتعالى .