الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الحرب بين علي بن مزيد وبين بني دبيس

في هذه السنة ، في المحرم ، كانت الحرب بين أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي وبين مضر ، ونبهان ، وحسان ، وطراد بني دبيس .

وسببها أنهم كانوا قد قتلوا أبا الغنائم بن مزيد أخا أبي الحسن في حرب بينهم ، وقد تقدم ذكرها ، وحالت الأيام بينه وبين الأخذ بثأره ، فلما كان الآن تجهز لقصدهم ، وجمع العرب ، والشاذنجان ، والجوانية ، وغيرهما من الأكراد ، وسار إليهم ، فلما قرب منهم خرجت زوجته ابنة دبيس وقصدت أخاها مضر بن دبيس ليلا ، وقالت له : قد أتاكن ابن مزيد فيما لا قبل لكم به ، وهو يقنع منكم بإبعاد نبهان قاتل أخيه ، فأبعدوه ، وقد تفرقت هذه العساكر . فأجابها أخوها مضر إلى ذلك ، وامتنع أخوه حسان .

فلما سمع ابن مزيد بما فعلته زوجته أنكره ، وأراد طلاقها ، فقالت له : خفت أن أكون في هذه الحرب بين فقد أخ حميم ، أو زوج كريم ، ففعلت ما فعلت رجاء الصلاح ، فزال ما عنده منها ، وتقدم إليهم ، وتقدموا إليه بالحلل والبيوت ، فالتقوا [ ص: 598 ] واقتتلوا ، ( واشتد القتال لما بين الفريقين من الذحول ) ، فظفر ابن مزيد بهم ، وهزمهم ، وقتل حسان ونبهان ابني دبيس ، واستولى على البيوت والأموال ، ولحق من سلم من الهزيمة بالحويزة .

ولما ظفر بهم رأى عندهم مكاتبات فخر الملك يأمرهم بالجد في أمره ويعدهم النصرة ، فعاتبه على ذلك ، وحصل بينهما نفرة ، ودعت فخر الملك الضرورة إلى تقليد ابن مزيد الجزيرة الدبيسية ، واستثنى مواضع منها : الطيب وقرقوب وغيرهما ، وبقي أبو الحسن هناك إلى جمادى الأولى .

ثم إن مضر بن دبيس جمع جمعا ، وكبس أبا الحسن ليلا ، فهرب في نفر يسير ، واستولى مضر على حلله ( وأمواله ، وكل ماله ) ، ولحق أبو الحسن ببلد النيل منهزما .

التالي السابق


الخدمات العلمية