الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل بجكم

وفي هذه السنة قتل بجكم .

وكان سبب قتله أن أبا عبد الله البريدي أنفذ جيشا من البصرة إلى مذار ، فأنفذ بجكم جيشا إليهم عليهم توزون ، فاقتتلوا قتالا شديدا كان أولا على توزون ، فكتب إلى بجكم يطلب أن يلحق به ، فسار بجكم إليهم من واسط منتصف رجب ، فلقيه كتاب توزون بأنه ظفر بهم وهزمهم ، فأراد الرجوع إلى واسط ، فأشار عليه بعض أصحابه بأن يتصيد ، فقبل منه ، وتصيد حتى بلغ نهر جور ، فسمع أن هناك أكرادا لهم مال وثروة ، فشرهت نفسه ( إلى أخذه ) ، فقصدهم في قلة من أصحابه بغير جنة تقيه ، فهرب الأكراد من بين يديه ، ورمى هو أحدهم فلم يصبه ، فرمى آخر فأخطأه أيضا ، وكان لا يخيب سهمه ، فأتاه غلام من الأكراد من خلفه وطعنه في خاصرته ، وهو لا يعرفه ، فقتله وذلك [ ص: 94 ] لأربع بقين من رجب ، واختلف عسكره ، فمضى الديلم خاصة نحو البريدي ، وكانوا ألفا وخمسمائة ، فأحسن إليهم ، وأضعف أرزاقهم ، وأوصلها إليهم دفعة واحدة .

وكان البريدي قد عزم على الهرب من البصرة هو وإخوته ، وكان بجكم قد راسل أهل البصرة وطيب قلوبهم ، فمالوا إليه ، فأتى البريديين الفرج من حيث لم يحتسبوا ، وعاد أتراك بجكم إلى واسط ، وكان تكينك محبوسا بها ، حبسه بجكم ، وأخرجوه من محبسه ، فسار بهم إلى بغداذ ، وأظهروا طاعة المتقي لله .

وصار أبو الحسين أحمد بن ميمون يدبر الأمور ، واستولى المتقي على دار بجكم ، فأخذ ماله منها ، وكان قد دفن فيها مالا كثيرا ، وكذلك أيضا في الصحراء ; لأنه خاف أن ينكب فلا يصل إلى ماله في داره .

وكان مبلغ ما أخذ من ماله ودفائنه ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار ، وكانت مدة إمارة بجكم سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية