الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزو ابن أبي عامر إلى الفرنج بالأندلس

لما رأى أهل الأندلس فعل صنهاجة حسدوهم ، ورغبوا في الجهاد ، وقالوا للمنصور بن أبي عامر : لقد نشطنا هؤلاء للغزو . فجمع الجيوش الكثيرة من سائر الأقطار ، وخرج إلى الجهاد ، وكان رأى في منامه ، تلك الليالي ، كأن رجلا أعطاه الأسبراج ، فأخذه من يده وأكل منه ، فعبره على ابن أبي جمعة ، فقال له : اخرج إلى بلد إليون فإنك ستفتحها فقال : من أين أخذت هذا ؟ فقال : لأن الأسبراج يقال له في المشرق الهليون ، فملك الرؤيا قال لك : ها ليون .

فخرج إليها ونازلها ، وهي من أعظم مدائنهم ، واستمد أهلها الفرنج ، فأمدوهم بجيوش كثيرة ، واقتتلوا ليلا ونهارا ، فكثر القتل فيهم ، وصبرت صنهاجة صبرا عظيما ، ثم خرج قومص كبير من الفرنج لم يكن لهم مثله ، فجال بين الصفوف وطلب البراز ، فبرز إليه جلالة بن زيري الصنهاجي فحمل كل واحد منهما على صاحبه ، فطعنه الفرنجي فمال عن الطعنة وضربه بالسيف على عاتقه فأبان عاتقه ، فسقط الفرنجي إلى الأرض ، وحمل المسلمون على النصارى ، فانهزموا إلى بلادهم ، وقتل منهم ما لا يحصى ( وملك المدينة ) .

[ ص: 401 ] وغنم ابن أبي عامر غنيمة عظيمة لم ير مثلها ، واجتمع من السبي ثلاثون ألفا ، وأمر بالقتلى فنضدت بعضها على بعض ، وأمر مؤذنا أذن فوق القتلى المغرب ، وخرب مدينة قامونة ، ورجع سالما هو وعساكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية