ذكر أبي تغلب مدينة حران ملك
في هذه السنة ، في الثاني والعشرين من جمادى الأولى ، سار إلى أبو تغلب بن ناصر الدولة بن حمدان حران ، فرأى أهلها قد أغلقوا أبوابها ، وامتنعوا منه ، فنازلهم وحصرهم ، فرعى أصحابه زروع تلك الأعمال ، وكان الغلاء في العسكر كثيرا ، فبقي كذلك إلى ثالث عشر جمادى الآخرة ، فخرج إليه نفران من أعيان أهلها ليلا وصالحاه ، وأخذا الأمان لأهل البلد وعادا .
فلما أصبحا أعلما أهل حران ما فعلاه ، فاضطربوا ، وحملوا السلاح وأرادوا قتلهما ، فسكنهم بعض أهلها ، فسكنوا ، واتفقوا على إتمام الصلح ، وخرجوا جميعهم إلى أبي تغلب ، وفتحوا أبواب البلد ودخله أبو تغلب وإخوته وجماعة من أصحابه ، وصلوا به الجمعة وخرجوا إلى معسكرهم ، واستعمل عليهم سلامة البرقعيدي لأنه طلبه أهله لحسن سيرته ، وكان إليه أيضا عمل الرقة ، وهو من أكابر أصحاب بني حمدان ، وعاد أبو تغلب إلى [ ص: 295 ] الموصل ومعه جماعة من أحداث حران ، وسبب سرعة عوده أن بني نمير عاثوا في بلد الموصل ، وقتلوا العامل ببرقعيد ، فعاد إليهم ليكفيهم .