ذكر لبختيار عادت عليه حيلة
كان بختيار قد واطأ والدته وإخوته أنه إذا كتب إليهم بالقبض على الأتراك يظهرون أن بختيار قد مات ، ويجلسون للعزاء ، فإذا حضر سبكتكين عندهم قبضوا عليه ، فلما قبض بختيار على الأتراك كتب إليهم على أجنحة الطيور يعرفهم بذلك ، فلما وقفوا على الكتب وقع الصراخ في داره ، وأشاعوا موته ، ظنا منهم أن سبكتكين يحضر عندهم ساعة يبلغه الخبر ، فلما سمع الصراخ أرسل يسأل عن الخبر ، فأعلموه ، فأرسل يسأل عن الذي أخبرهم ، وكيف أتاهم الخبر ، فلم يجد نقلا يثق القلب به ، فارتاب بذلك .
ثم وصله رسله الأتراك بما جرى ، فعلم أن ذلك كان مكيدة عليه ، ودعاه الأتراك إلى أن يتأمر عليهم ، فتوقف ، وأرسل إلى أبي إسحاق بن معز الدولة يعلمه أن الحال قد انفسد بينه وبين أخيه ، فلا يرجى صلاحه ، وأنه لا يرى العدول عن طاعة مواليه وإن أساءوا إليه ، يدعوه إلى أن يعقد الأمر له . فعرض قوله على والدته ، فمنعته .
فلما رأى سبكتكين ذلك ركب في الأتراك ، وحصر دار بختيار ( يومين ، ثم أحرقها ودخلها ) ، وأخذ أبا إسحاق وأبا طاهر ابني معز الدولة ووالدتهما ومن كان معهما ، فسألوه أن يمكنهم من الانحدار إلى واسط ، ففعل ، وانحدروا ، وانحدر معهم المطيع لله في الماء ، فأنفذ سبكتكين فأعاده ورده إلى داره وذلك تاسع ذي القعدة ، واستولى على ما كان لبختيار جميعه ببغداذ ، ونزل الأتراك في دور الديلم ، وتتبعوا أموالهم وأخذوها ، وثارت العامة من أهل السنة ينصرون سبكتكين لأنه كان يتسنن ، فخلع عليهم ، وجعل لهم العرفاء والقواد ، فثاروا بالشيعة وحاربوا ( وسفكت بينهم ) الدماء ، وأحرقت [ ص: 318 ] الكرخ حريقا ثانيا ، وظهرت السنة عليهم .