ذكر على الملك محمود بن سبكتكين استيلاء أخيه
لما توفي سبكتكين ، وبلغ الخبر إلى ولده يمين الدولة محمود بنيسابور ، جلس للعزاء ، ثم أرسل إلى أخيه إسماعيل يعزيه بأبيه ، ويعرفه أن أباه إنما عهد إليه لبعده عنه ، ويذكره ما يتعين من تقديم الكبير ، ويطلب منه الوفاق ، وإنفاذ ما يخصه من تركة أبيه . فلم يفعل ، وترددت الرسل بينهما فلم تستقر القاعدة فسار محمود عن نيسابور إلى هراة عازما على قصد أخيه بغزنة ، واجتمع بعمه بغراجق بهراة ، فساعده على أخيه إسماعيل ، وسار نحو بست ، وبها أخوه نصر ، فتبعه وأعانه وسار معه إلى غزنة .
وبلغ الخبر إلى إسماعيل ، وهو ببلخ ، فسار عنها مجدا ، فسبق أخاه محمودا [ ص: 490 ] إليها ، وكان الأمراء الذين مع إسماعيل كاتبوا أخاه محمودا يستدعونه ، ووعدوه الميل إليه ، فجد في المسير ، والتقى هو وإسماعيل بظاهر غزنة ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم إسماعيل وصعد إلى قلعة غزنة فاعتصم بها ، فحصره أخوه محمود واستنزله بأمان . فلما نزل إليه أكرمه ، وأحسن إليه ، وأعلى منزلته ، وشركه في ملكه وعاد إلى بلخ واستقامت الممالك له .
وكانت مدة ملك إسماعيل سبعة أشهر ، وهو فاضل ، حسن المعرفة ، له نظم ونثر ، وخطب في بعض الجمعات ، فكان يقول بعد الخطبة للخليفة : ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) .