ذكر قابوس إلى جرجان عود
في هذه السنة عاد شمس المعالي قابوس بن وشمكير إلى جرجان وملكها ، ولما ملك فخر الدولة بن بويه جرجان والري أراد أن يسلم جرجان إلى قابوس ، فرده عن ذلك ، وعظمها في عينه ، فأعرض عن الذي أراده ، ونسي ما كان بينهما من الصحبة الصاحب بن عباد بخراسان ، وأنه بسببه خرجت البلاد عن يد قابوس ، والملك عقيم .
( وقد ذكرنا كيف أخذت منه ، ومقامه بخراسان ، وإنفاذ ملوك السامانية الجيوش في نصرته مرة بعد أخرى ، فلم يقدر الله تعالى عودة الملك إليه ) .
ولما ولي سبكتكين خراسان اجتمع به ووعده أن يسير معه الجيوش ليرده إلى مملكته ، فمضى إلى بلخ ومرض ومات .
فلما كان هذه السنة ، بعد موت فخر الدولة ، وسير شمس المعالي قابوس الأصبهبذ شهريار ( بن شروين إلى جبل شهريار ) ، وعليه رستم بن المرزبان ، خال مجد الدولة بن فخر الدولة ، فاقتتلا ، فانهزم رستم ، واستولى الأصبهبذ على الجبل ، وخطب لشمس المعالي ، وكان باتي بن سعيد بناحية الاستندارية ، وله ميل إلى [ ص: 498 ] شمس المعالي ، فسار إلى آمل ، وبها عسكر لمجد الدولة ، فطردهم عنها واستولى عليها ، وخطب لقابوس ، وكتب إليه بذلك .
ثم إن أهل جرجان كتبوا إلى قابوس يستدعونه ، ( فسار إليهم من نيسابور ) ، وسار الأصبهبذ وباتي بن سعيد إلى جرجان ، وبها عسكر لمجد الدولة ، فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم عسكر مجد الدولة إلى جرجان ، فلما بلغوها صادفوا مقدمة قابوس قد بلغتها ، فأيقنوا بالهلاك ، وانهزموا من أصحاب قابوس هزيمة ثانية ، وكانت قرحا على قرح ، ودخل شمس المعالي جرجان في شعبان من هذه السنة .
وبلغ المنهزمون الري ، فجهزت العساكر من الري نحو جرجان ، فساروا وحصروها ، فغلت الأسعار بالبلد ، وضاقت الأمور بالعسكر أيضا ، وتوالت عليهم الأمطار والرياح ، فاضطروا إلى الرحيل ، فتبعهم شمس المعالي فلحقهم وواقعهم فاقتتلوا ، وانهزم عسكر الري وأسر من أعيانهم جماعة كثيرة ، وقتل ( أكثر منهم ) ، فأطلق شمس المعالي الأسرى ، واستولى على تلك الأعمال ما بين جرجان وأستراباذ .
ثم إن الأصبهبذ حدث نفسه بالاستقلال ، والتفرد عن قابوس ، واغتر بما اجتمع عنده من الأموال والذخائر ، فسارت إليه العساكر من الري ، وعليها المرزبان ، خال مجد الدولة ، فهزموا الأصبهبذ وأسروه ، ونادوا بشعار شمس المعالي لوحشة كانت عند المرزبان من مجد الدولة ، وكتب إلى شمس المعالي بذلك ، وانضافت مملكة الجبل جميعها إلى ممالك جرجان وطبرستان ، فولاها شمس المعالي ولده منوجهر ، ففتح الرويان وسالوس ، وراسل قابوس يمين الدولة محمودا ، وهاداه ، وصالحه ، واتفقا على ذلك .