ذكر صمصام الدولة
في هذه السنة ، في ذي الحجة ، قتل قتل صمصام الدولة بن عضد الدولة .
وسبب ذلك أن جماعة كثيرة من الديلم استوحشوا من صمصام الدولة لأنه أمر بعرضهم ، وإسقاط من ليس بصحيح النسب ، فأسقط منهم مقدار ألف رجل ، فبقوا حيارى لا يدرون ما يصنعون .
واتفق أن أبا القاسم وأبا نصر ابني عز الدولة بختيار كانا مقبوضين ، فخدعا الموكلين بهما في القلعة ، فأفرجوا عنهما فجمعا لفيفا من الأكراد ، واتصل خبرهما بالذين أسقطوا من الديلم ، فأتوهم ، وقصدوا إلى أرجان ، فاجتمعت عليها العساكر ، وتحير صمصام الدولة ، ولم يكن عنده من يدبره .
وكان أبو جعفر أستاذ هرمز مقيما بفسا ، فأشار عليه بعض من عنده بتفريق ما عنده من المال في الرجال ، والمسير إلى صمصام الدولة ، وأخذه إلى عسكره [ ص: 500 ] بالأهواز وخوفه إن لم يفعل ذلك . فشح بالمال ، فثار به الجند ونهبوا داره وهربوا ، فاختفى ، فأخذ وأتي به إلى ابني بختيار ، فحبس ، ثم احتال فنجا .
وأما صمصام الدولة فإنه أشار عليه أصحابه بالصعود إلى القلعة التي على باب شيراز والامتناع بها إلى أن يأتي عسكره ومن يمنعه ، فأراد الصعود إليها ، فلم يمكنه المستحفظ بها ، وكان معه ثلاثمائة رجل ، فقالوا له : الرأي أننا نأخذك ووالدتك ، ونسير إلى أبي علي بن أستاذ هرمز ، وأشار بعضهم بقصد الأكراد وأخذهم والتقوي بهم ، ففعل ذلك ، وخرج معهم بخزائنه وأمواله ، فنهبوه ، وأرادوا أخذه فهرب وسار إلىالدودمان ، على مرحلتين من شيراز .
وعرف أبو نصر بن بختيار الخبر ، فبادر إلى شيراز ، ووثب رئيس الدودمان ، واسمه طاهر ، بصمصام الدولة فأخذه ، وأتاه أبو نصر بن بختيار وأخذه منه فقتله في ذي الحجة ، فلما حمل رأسه إليه قال : هذه سنة سنها أبوك ، يعني ما كان من قتل عضد الدولة بختيار .
وكان عمر صمصام الدولة خمسا وثلاثين سنة وسبعة أشهر ومدة إمارته بفارس تسع سنين وثمانية أيام ، وكان كريما حليما . وأما والدته فسلمت إلى بعض قواد الديلم ، فقتلها وبنى عليها دكة في داره فلما ملك بهاء الدولة فارس أخرجها ودفنها في تربة بني بويه .