ذكر بإفريقية قتل الشيعة
في هذه السنة ، في محرم ، قتلت الشيعة بجميع بلاد إفريقية .
وكان سبب ذلك أن ركب ومشى في المعز بن باديس القيروان والناس يسلمون عليه ويدعون له ، فاجتاز بجماعة ، فسأل عنهم ، فقيل : هؤلاء رافضة يسبون أبا بكر وعمر فقال : رضي الله عن أبي بكر وعمر ! فانصرفت العامة من فورها إلى درب المعلى من القيروان ، وهو [ مكان ] تجتمع به الشيعة ، فقتلوا منهم ، وكان ذلك شهوة العسكر وأتباعهم ، طمعا في النهب ، وانبسطت أيدي العامة في الشيعة ، وأغراهم عامل القيروان وحرضهم .
وسبب ذلك أنه كان قد أصلح أمور البلد ، فبلغه أن يريد عزله [ ص: 640 ] فأراد فساده ، فقتل من المعز بن باديس الشيعة خلق كثير ، وأحرقوا بالنار ونهبت ديارهم ، وقتلوا في جميع إفريقية ، واجتمع جماعة منهم إلى قصر المنصور قريب القيروان فتحصنوا به فحصرهم العامة وضيقوا عليهم فاشتد عليهم الجوع ، فأقبلوا يخرجون والناس يقتلونهم حتى قتلوا عن آخرهم ، ولجأ من كان منهم بالمهدية إلى الجامع فقتلوا كلهم ، وكانت الشيعة تسمى بالمغرب المشارقة نسبة إلى أبي عبد الله الشيعي ، وكان من المشرق ، وأكثر الشعراء ذكر هذه الحادثة فمن فرح مسرور ومن باك حزين .