ذكر الغز مدينة الموصل ملك
لما خرجوا من أذربيجان إلى جزيرة ابن عمر ، وهي من أعمال نصر الدولة بن [ ص: 723 ] مروان ، سار بعضهم إلى ديار بكر مع أمرائهم المذكورين ، وسار الباقون إلى البقعاء ، ونزلوا برقعيد ، فأرسل إليهم قرواش صاحب الموصل من ينظر فيهم ، ويغير عليهم . فلما رأوا ذلك تقدموا إلى الموصل ، فأرسل إليهم يستعطفهم ويلين لهم ، وبذل لهم ثلاثة آلاف دينار فلم يقبلوا فأعاد مراسلتهم ثانية ، فطلبوا خمسة عشر ألف دينار ، فالتزمها ، وأحضر أهل البلد وأعلمهم الحال .
فبينما هم بجمع المال وصل الغز إلى الموصل ونزلوا بالحصباء ، فخرج إليهم قرواش وأجناده والعامة فقاتلوهم عامة نهارهم وأدركهم الليل فافترقوا فلما كان الغد عادوا إلى القتال فانهزمت العرب وأهل البلد ، وهرب قرواش في سفينة نزلها من داره ، وخرج من جميع ماله إلا الشيء اليسير ، ودخل الغز البلد فنهبوا كثيرا منه ، ونهبوا جميع ما لقرواش من مال وجوهر وحلي وثياب وأثاث ، ونجا قرواش في السفينة ومعه نفر ، فوصل إلى السن وأقام بها ، وأرسل إلى الملك جلال الدولة يعرفه الحال ، ويطلب النجدة ، وأرسل إلى وغيره من أمراء العرب دبيس بن مزيد والأكراد يستمدهم ويشكو ما نزل به .
وعمل الغز بأهل الموصل الأعمال الشنيعة من الفتك وهتك الحريم ونهب المال ، وسلم عدة محال منها سكة أبي نجيح ، والجصاصة ، وجارسوك ، وشاطئ نهر ، وباب القصابين على مال ضمنوه ، فكفوا عنهم .