5905 ص: ثم النظر في هذا أيضا يدفع ما قال وما ذهب إليه؛ إذ جعل وقد أجمعوا أن الرهن أمانة تضيع بغير شيء، وحرام على المرتهن منعه منها، والرهن مخالف لذلك، إذا كان للمرتهن حبسه، ومنع مالكه منه حتى يستوفي دينه، فخرج بذلك حكمه من حكم الأمانات. الأمانات لربها أن يأخذها،
ورأينا الأشياء المغصوبة حرام على الغاصبين حبسها، وحلال للمغصوبة منهم أخذها، والرهن ليس كذلك; لأن المرتهن حلال له حبس الرهن، ومنع الراهن منه حتى يستوفي منه دينه.
ورأينا والرهن ليس كذلك؛ لأن المرتهن حرام عليه استعمال الرهن، وليس للراهن أخذه منه حتى يوفيه دينه. العواري للمستعير الانتفاع بها، وللمعير أخذها منه متى أحب،
فبان من حكم الودائع والغصوب والعواري، وثبت أن حكمه بخلاف حكم ذلك كله. حكم الرهن
[ ص: 180 ] وقد أجمعوا أن للمرتهن حبسه حتى يستوفي الدين، وحلال للراهن أخذه إذا برئ من الدين.
فلما كان حبس الرهن مضمنا بحبس الدين، وسقوط حبسه مضمنا بسقوط حبس الدين، كان كذلك أيضا ثبوت الدين مضمنا بثبوت الرهن، فما كان الرهن ثابتا فالدين ثابت، وما كان الرهن غير ثابت فالدين غير ثابت.
وكذلك رأينا المبيع في قولنا وقول هذا المخالف لنا: للبائع حبسه بالثمن، ومتى ضاع في يده ضاع الثمن، فالنظر على ما اجتمعنا عليه نحن وهو من هذا: أن يكون الرهن كذلك، وأن يكون ضياعه يبطل الدين كما كان ضياع المبيع يبطل الثمن، فهذا هو النظر في هذا الباب.