الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فروع )

                                                                                                                              في التقليد يضطر إليها مع كثرة الخلاف فيها وحاصل المعتمد من ذلك أنه يجوز تقليد كل من الأئمة الأربعة ، وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته فالإجماع الذي نقله غير واحد على منع تقليد الصحابة يحمل على ما فقد فيه شرط من ذلك ويشترط لصحة التقليد أيضا أن لا يكون مما ينقض فيه قضاء القاضي هذا بالنسبة لعمل نفسه لا لإفتاء ، أو قضاء فيمتنع تقليد غير الأربعة فيه إجماعا كما يعلم [ ص: 110 ] مما يأتي ؛ لأنه محض تشبه وتغرير ، ومن ثم قال السبكي : إذا قصد به المفتي مصلحة دينية جاز أي : مع تبيينه للمستفتي قائل ذلك . وعلى ما اختل فيه شرط مما ذكر يحمل قول السبكي : ما خالف الأربعة كمخالف الإجماع . ويشترط أيضا اعتقاد أرجحية مقلده ، أو مساواته لغيره لكن المشهور الذي رجحاه جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل ، ولا ينافي ذلك كونه عاميا جاهلا بالأدلة ؛ لأن الاعتقاد لا يتوقف على الدليل لحصوله بالتسامح ونحوه قال الهروي : مذهب أصحابنا أن العامي لا مذهب له أي : معين يلزمه البقاء عليه وحيث اختلف عليه متبحران أي : في مذهب إمامه فكاختلاف المجتهدين . ا هـ . وقضيته جواز تقليد المفضول [ ص: 111 ] من أصحاب الأوجه مع وجود أفضل منه ، لكن في الروضة ليس لمفت وعامل على مذهبنا في مسألة ذات قولين ، أو وجهين أن يعتمد أحدهما بلا نظر فيه بلا خلاف بل يبحث عن أرجحهما بنحو تأخره إن كانا لواحد . ا هـ . ونقل ابن الصلاح فيه الإجماع لكن حمله بعضهم على المفتي ، والقاضي ؛ لما مر من جواز تقليد غير الأئمة الأربعة بشرطه وفيه نظر ؛ لأنه صرح بمساواة العامل للمفتي في ذلك فالوجه حمله على عامل متأهل للنظر في الدليل وعلم الراجح من غيره فلا ينافي ما مر عن الهروي وما يأتي عن فتاوى السبكي ؛ لأنه في عامي لا يتأهل لذلك .

                                                                                                                              وإطلاق ابن عبد السلام أن من لإمامه في مسألة قولان له تقليده في أيهما أحب يرده ما تقرر وما مر في شرح الخطبة وما في الروضة من الوجهين مفروض كما ترى فيما إذا كانا لواحد ، وإلا تخير لتضمن ذلك ترجيح كل منهما من قائله الأهل كما اقتضاه قوله أيضا : اختلاف المتبحرين كاختلاف المجتهدين في الفتوى .

                                                                                                                              وقد سبق أن الأرجح التخيير فيهما في العمل ومما يصرح بجواز تقليد المرجوح قول البلقيني في مقلد مصحح الدور في السريجية لا يأثم ، وإن كنت لا أفتي بصحته ؛ لأن الفروع الاجتهادية لا يعاقب عليها . ولا ينافيه قول ابن عبد السلام : يمتنع التقليد في هذه ؛ لأنه مبني على قوله فيها : ينقض قضاء القاضي بصحة الدور . ومر أن ما ينقض لا يقلد . والحاصل أن من ينقضه يمنع تقليده ومن لا ينقضه يجوز تقليده . وفي فتاوى السبكي يتخير العامل في القولين أي : إذا لم يتأهل للعلم بأرجحهما كما مر ، ولا وجد من يخبره به ، لكن مر في شرح الخطبة عنه وعن غيره ما يخالف بعض ذلك فراجعه [ ص: 112 ] بخلاف الحاكم لا يجوز له الحكم بأحدهما إلا بعد علم أرجحيته ، وصرح قبل ذلك بأن له العمل بالمرجوح في حق نفسه ، ويشترط أيضا أن لا يتتبع الرخص بأن يأخذ من كل مذهب بالأسهل منه ؛ لانحلال ربقة التكليف من عنقه حينئذ ، ومن ثم كان الأوجه أنه يفسق به . وزعم أنه ينبغي تخصيصه بمن يتبع بغير تقليد يتقيد به ليس في محله ؛ لأن هذا ليس من محل الخلاف بل يفسق قطعا كما هو ظاهر . وقول ابن عبد السلام للعامل أن يعمل برخص المذاهب ، وإنكاره جهل لا ينافي حرمة التتبع ، ولا الفسق به خلافا لمن وهم فيه ؛ لأنه لم يعبر بالتتبع وليس العمل برخص المذاهب مقتضيا له لصدق الأخذ بها مع الأخذ بالعزائم أيضا وليس الكلام في هذا ؛ لأن من عمل بالعزائم ، والرخص لا يقال فيه أنه متتبع للرخص لا سيما مع النظر لضبطهم للتتبع بما مر فتأمله . والوجه المحكي بجوازه يرده نقل ابن حزم الإجماع على منع تتبع الرخص ، وكذا يرد به قول محقق الحنفية ابن الهمام : لا أدري ما يمنع ذلك من العقل ، والنقل مع أنه اتباع قول مجتهد متبوع ، وقد { كان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف على أمته } ، والناس في عصر الصحابة ومن بعدهم يسألون من شاءوا من غير تقييد بذلك . ا هـ . وظاهره جواز التلفيق أيضا ، وهو خلاف الإجماع أيضا فتفطن له ولا تغتر بمن أخذ بكلامه هذا المخالف للإجماع كما تقرر وفي الخادم عن بعض المحتاطين الأولى لمن بلي بوسواس الأخذ بالأخف ، والرخص ؛ لئلا يزداد فيخرج عن الشرع ولضده الأخذ بالأثقل ؛ لئلا يخرج عن الإباحة .

                                                                                                                              ويشترط أيضا أن لا يلفق بين قولين يتولد منهما حقيقة مركبة لا يقول بها كل منهما وأن لا يعمل بقول في مسألة ، ثم بضده في عينها كما مر بسط ذلك في شرح الخطبة مع بيان حكاية الآمدي الاتفاق على المنع بعد العمل . ونقل غير واحد عن ابن الحاجب مثله فيه تجوز ، وإن جريت [ ص: 113 ] عليه ثم فإنه إنما نقل ذلك في عامي لم يلتزم مذهبا قال : فإن التزم معينا فخلاف ، وكذا صرح بالخلاف مطلقا القرافي وقيل : ولعل المراد بالاتفاق اتفاق الأصوليين لا الفقهاء فقد جوز ابن عبد السلام الانتقال عمل بالأول أو لا وأطلق الأئمة جواز الانتقال .

                                                                                                                              وقد أخذ الإسنوي من المجموع وتبعوه أن إطلاقات الأئمة إذا تناولت شيئا ، ثم صرح بعضهم بما يخالف فيه فالمعتمد الأخذ فيه بإطلاقهم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه إلخ ) هذا مع قوله الآتي : هذا بالنسبة لعمل نفسه لا لإفتاء ، أو قضاء فيمتنع تقليد غير الأربعة فيه إجماعا صريح في أن من عدا الأربعة ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته يمتنع تقليده في غير العمل من الإفتاء ، والحكم فليتنبه لذلك وليحفظ مع أنه في نفسه لا يخلو عن إشكال ( قوله : ويشترط لصحة التقليد أيضا أن لا يكون مما ينقض فيه قضاء القاضي ) قد يشكل هذا بأنه يلزمه بطلان تقليد مقلدي بقية الأئمة الأربعة فيما قلنا بنقضه من مذاهبهم [ ص: 110 ] قوله : لأنه محض تشه وتغرير ) كيف ذلك مع الشرط المذكور ؟ ( قوله : لكن المشهور الذي رجحه جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل ) في الروض ويعمل أي : المستفتي بفتوى عالم مع وجود أعلم منه جهله قال في شرحه : بخلاف ما إذا علمه بأن اعتقده أعلم كما صرح به بعد فلا يلزمه البحث عن الأعلم إذا جهل اختصاص أحدهما بزيادة علم ، ثم قال في الروض : فإن اختلفا أي : المفتيان جوابا وصفة ولا نص قدم الأعلم ، وكذا إذا اعتقد أحدهما أعلم ، أو أورع أي : قدم من اعتقده أعلم ، أو أورع ويقدم الأعلم على الأورع انتهى . فانظر هل يخالف ذلك إطلاقه جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل الآتي في الصفحة الآتية وقد سبق أن الأرجح التخيير فيهما في العمل فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : قال الهروي : مذهب أصحابنا أن العامي إلخ ) بين السيد السمهودي في رسالة التقليد أن مقتضى الروضة ترجيح ما نقله الهروي وأطال في ذلك . ( قوله : لا مذهب له ) ليس معناه أن له ترك التقليد مطلقا بل معناه ما عبر به المحلي في شرح جمع الجوامع بقوله : فله أن يأخذ فيما يقع له بهذا المذهب تارة وبغيره أخرى وهكذا انتهى . وعبارة السيد السمهودي فيقلد واحدا في مسألة وآخر في أخرى انتهى . ولعل الشارح أشار إلى ذلك بقوله : أي : معين إلخ . ( قوله : أي : معين يلزمه البقاء عليه ) لا يقال : هذا لا يخص العامي ؛ لأن الذي اقتضاه كلام الفقهاء جواز الانتقال ، ولو بعد العمل فلعل الأوجه منع ما نقله الهروي ؛ لأنا نقول المراد بالعامي غير المجتهد ، أو نقول : غير المجتهد من العلماء مثل العامي في ذلك فإنه لما قال في جمع الجوامع عطفا على معمول الأصح : وأنه يجب على العامي التزام مذهب معين ثم في خروجه [ ص: 111 ] عنه أقوال إلخ زاد المحلي عقب العامي ما نصه وغيره ممن لم يبلغ رتبة الاجتهاد انتهى . وقضيته جواز تقليد المفضول إلخ هذا في العامي بدليل قوله الآتي : فلا ينافي ما مر عن الهروي ؛ لأنه في عامي إلخ . فاعلم أن قوله السابق : ويشترط أيضا اعتقاد أرجحية مقلده إلخ شامل للعامي بدليل قوله : ولا ينافي ذلك كونه عاميا إلخ وحينئذ فقد يمنع قوله : وقضيته جواز تقليد المفضول إلخ ويقال : بل قضيته منع ذلك بدليل قوله : فكاختلاف المجتهدين ، إلا أن يكون هذا بالنظر إلى قوله : لكن المشهور إلخ . ( قوله : لكن حمله بعضهم ) أي : كلام الروضة المذكور . ( قوله : لأنه صرح بمساواة العامل للمفتي إلخ ) أي : فإنه قال : ليس لمفت وعامل صاحب الروض .

                                                                                                                              ( قوله : في العمل ) أخرج الفتوى ، والحكم . ( قوله : وعن غيره ما يخالف بعض ذلك فراجعه ) ومما يخالفه كلام الروض فإنه صريح في أنه [ ص: 112 ] إذا لم يتأهل للعلم بالراجح ولا وجد من يخبره يتوقف ولا يتخير حيث قال هنا : ليس له أي : لكل من العامل ، والمفتي كما في شرحه العمل ، والفتوى بأحد القولين ، أو الوجهين من غير نظر إلى أن قال : فإن كان أهلا للترجيح ، أو التخريج استقل به متعرفا ذلك من القواعد ، والمآخذ وإلا تلقاه من نقلة المذهب فإن عدم الترجيح أي : بأن لم يحصله بطريق توقف أي : حتى يحصله إلى أن قال : فإن اختلفوا أي : الأصحاب في الأرجح ولم يكن أي : كل من العامل ، والمفتي أهلا للترجيح اعتمد ما صححه الأكثر ، والأعلم وإلا أي : وإن لم يصححوا شيئا توقف انتهى . ولا يخفى مخالفة هذا لإطلاق الهروي السابق فإن قوله : وإلا تلقاه من نقلة المذهب وقوله فإن اختلفوا ولم يكن أهلا للترجيح شامل للعامي إن لم يكن محصورا فيه ولم يخيره ، بل أوجب عليه تعرف الراجح ، إلا أن يكون ما قاله الهروي في اختلاف المتبحرين في غير الترجيح ، أو كلام شرح الروض في غير العامي الصرف ومخالفته لحمل الشارح المذكور بقوله : فالوجه حمل إلخ فإنه أوجب على غير المتأهل تعرف الراجح ومخالفته ما ذكره الشارح من التخيير ، إلا أن يحمل على المختلفين في غير الترجيح مع التساوي عنده ، أو على المتساويين فيه عنده وعن السبكي من جواز العمل بالمرجوح في حق نفسه فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم كان الأوجه إلخ ) خلاف الأوجه في شرح الروض أنه لا يفسق بتتبعها من المذاهب المدونة . ( قوله : كما مر بسط ذلك في شرح الخطبة إلخ ) عبارته هناك ولا ينافي ذلك قول ابن الحاجب كالآمدي : من عمل في مسألة بقول إمام لا يجوز له العمل فيها بقول غيره اتفاقا . لتعين حمله على ما إذا بقي من آثار العمل الأول ما يلزم عليه مع الثاني تركب حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس ومالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة ، ثم رأيت السبكي في الصلاة من فتاويه ذكر نحو ذلك مع زيادة البسط فيه ، وتبعه عليه جمع فقالوا إنما يمتنع تقليد الغير بعد العمل في تلك الحادثة [ ص: 113 ] بعينها لا مثلها أي : خلافا للجلال المحلي كأن أفتى ببينونة زوجته في نحو تعليق فنكح أختها ، ثم أفتى بأن لا بينونة فأراد أن يرجع للأولى ويعرض عن الثانية من غير إبانتها ، وكأن أخذ بشفعة الجوار تقليدا لأبي حنيفة ثم استحقت عليه فأراد تقليد الشافعي في تركها فيمتنع فيهما ؛ لأن كلا من الإمامين لا يقول به حينئذ فاعلم ذلك فإنه مهم ولا تغتر بمن أخذ بظاهر ما مر انتهى . وبينا في هامش شرح الخطبة ما في تمثيله الأول فراجعه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وكذا من عداهم إلخ ) هذا مع قوله : الآتي هذا بالنسبة لعمل نفسه لا لإفتاء ، أو قضاء فيمتنع إلخ صريح في أن من عدا الأربعة ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته أنه يمتنع تقليده في غير العمل من الإفتاء ، والحكم فليتنبه لذلك وليحفظ مع أنه في نفسه لا يخلو عن إشكال . ا هـ . سم . ( قوله : ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة إلخ ) أي : ولو وجد وإلا فلا تحقق له فيما اطلعنا عليه . ( قوله : وسائر معتبراته ) أي : كعدم المانع . ( قوله : ويشترط لصحة التقليد أيضا أن لا يكون مما ينقض فيه قضاء القاضي ) كأن ينبغي أن يؤخره ويذكره قوله : كمخالف الإجماع . ( قوله : أن لا يكون مما ينقض فيه إلخ ) قد يشكل هذا بأنه يلزمه بطلان بعد تقليد مقلدي بقية الأئمة الأربعة فيما قلنا بنقضه من مذاهبهم . ا هـ . سم ويدفع الإشكال بأن الكلام في تقليد المقلد لغير إمامه . ( قوله : هذا إلخ ) أي : قوله : وكذا من عداهم من حفظ إلخ . ( قوله : فيه ) أي : الإفتاء أو القضاء [ ص: 110 ] قوله : مما يأتي ) لعله أراد به قوله : لكن في الروضة إلى فلا ينافي وقوله : بخلاف الحاكم لا يجوز إلخ . ( قوله : لأنه محض تشبه إلخ ) كيف ذلك مع الشروط المذكورة .

                                                                                                                              ا هـ . سم وقد يجاب بأن الشروط المذكورة إنما هي في العمل في حق نفسه . ( قوله : إذا قصد به ) أي : بالإفتاء بمذهب غير الأربعة بل غير إمامه . ( قوله : أي مع تبيينه للمستفتي قائل ذلك ) أي : ليقلده فيكون قول المفتي حينئذ إرشادا لا إفتاء . ( قوله : كمخالف الإجماع ) خبر ما إلخ . ( قوله : لكن المشهور الذي رجحاه إلخ ) في الروض ويعمل أي : المستفتي بفتوى عالم مع وجود أعلم منه جهله قال في شرحه : بخلاف ما إذا علمه بأن اعتقده أعلم كما صرح به بعد فلا يلزمه البحث عن الأعلم إذا جهل اختصاص أحدهما بزيادة علم ، ثم قال في الروض : فإن اختلفا أي : المفتيان جوابا وصفة ولا نص أي : من كتاب ، أو سنة قدم الأعلم وكذا إذا اعتقد أحدهما أعلم ، أو أورع أي : قدم من اعتقده أعلم ، أو أورع ، ويقدم الأعلم على الأورع انتهى . فانظر هل يخالف ذلك إطلاق جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل الآتي في قوله : وقد سبق أن الأرجح التخيير فيهما إلخ ؟ فليتأمل . ا هـ . سم وقد يقال إن الإطلاق المذكور يقيد بذلك كما يؤيده قوله الآتي ولا وجد من يخبره به . ( قوله : ولا ينافي ذلك ) أي : اشتراط الاعتقاد المذكور . ( قوله : قال الهروي إلخ ) بين السيد السمهودي في رسالة التقليد أن مقتضى الروضة ترجيح ما نقله الهروي وأطال في ذلك . ا هـ . سم . ( قوله : لا مذهب له ) ليس معناه أن له ترك التقليد مطلقا بل معناه ما عبر عنه المحلي في شرح جمع الجوامع بقوله : فله أن يأخذ فيما يقع له بهذا المذهب تارة وبغيره أخرى وهكذا انتهى وعبارة السيد السمهودي فيقلد واحدا في مسألة وآخر في أخرى ا هـ ولعل الشارح أشار إلى ذلك بقوله : أي : معين إلخ . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : أي : معين يلزمه البقاء إلخ ) لا يقال : هذا لا يخص العامي ؛ لأن الذي اقتضاه كلام الفقهاء جواز الانتقال ولو بعد العمل فلعل الأوجه منع ما نقله الهروي لأنا نقول : المراد بالعامي غير المجتهد ، أو نقول : غير المجتهدين من العلماء مثل العامي في ذلك كما صرح به المحلي في شرح جمع الجوامع . ا هـ . سم . ( قوله : وحيث اختلف إلخ ) عبارة الروض مع شرحه واختلاف المفتيين في حق المستفتي كاختلاف المجتهدين في حق المقلد ، وسيأتي أنه يقلد من شاء منهما فللمستفتي ذلك على ما يأتي . ا هـ . وأراد بما يأتي ما مر آنفا عن سم عن الروض وشرحه .

                                                                                                                              ( قوله : وقضيته جواز تقليد المفضول إلخ ) هذا في العامي بدليل قوله : الآتي فلا ينافي ما مر عن الهروي ؛ لأنه في عامي إلخ واعلم أن قوله السابق : ويشترط أيضا اعتقاد أرجحية مقلده إلخ شامل للعامي بدليل قوله : ولا ينافي ذلك كونه عاميا إلخ وحينئذ فقد يمنع قوله وقضيته جواز تقليد المفضول إلخ ، ويقال بل قضيته مع ذلك بدليل قوله : [ ص: 111 ] فكاختلاف المجتهدين إلا أن يكون هذا بالنظر إلى قوله : لكن المشهور إلخ . ا هـ . سم . ( قوله : من أصحاب الأوجه ) كذا كان في أصله رحمه الله تعالى ، ثم أصلح بالوجوه وليس بضروري كما هو ظاهر . ا هـ . سيد عمر . ( قوله : لكن في الروضة إلخ ) استدراك على القضية المذكورة . ( قوله : فيه الإجماع ) أي : في وجوب البحث عن الأرجح . ( قوله : لكن حمله إلخ ) أي : كلام الروضة المذكور . ا هـ . سم . ( قوله : من جواز تقليد غير الأئمة إلخ ) أي : في العمل لنفسه . ( قوله : وفيه نظر ) أي : في الحمل المذكور . ( قوله : لأنه صريح بمساواة العامل إلخ ) أي : فإنه قال : ليس لمفت وعامل إلخ . ا هـ . سم . ( قوله : في ذلك ) أي : وجوب البحث . ( قوله : ما مر عن الهروي إلخ ) أي : من تخير العامي في الوجهين . ( قوله : وما يأتي إلخ ) أي : آنفا . ( قوله : لأنه إلخ ) كل مما مر ، وما يأتي . ( قوله : إطلاق ابن عبد السلام إلخ ) أي : الشامل للمتأهل وغيره . ( قوله : يرده إلخ ) هلا قال : يحمل على عامي غير متأهل للنظر . ( قوله : ما تقرر ) أي : كلام الروضة المذكور مع قوله : فالوجه حمله إلخ . ( قوله : وما في الروضة إلخ ) عطف على وإطلاق ابن عبد السلام إلخ . ( قوله : مفروض إلخ ) محل تأمل بل قولها إن كان لواحد فيه نوع إشعار بأن الكلام فيهما أي : الوجهين ولو لمتعدد فتدبر . ا هـ . سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : وإلا ) أي : بأن كانا لمتعدد . ( قوله : كما اقتضاه قوله : إلخ ) أي : قول صاحب الروضة أقول : قد سبق عن الروض وشرحه تقييد القول المذكور بجهل المستفتي اختصاص أحدهما بزيادة علم ، أو ورع . ( قوله : وقد سبق ) أي : في أول الفروع . ( قوله : فيهما ) أي : المجتهدين . ( قوله : في العمل ) أخرج الفتوى ، والحكم . ا هـ . سم . ( قوله : في مقلد مصحح إلخ ) بالإضافة وقوله : لا يأثم إلخ مقول البلقيني . ( قوله : بصحته ) أي : الدور . ( قوله : ولا ينافيه ) أي : قول البلقيني . ( قوله : في هذه ) أي : مسألة صحة الدور . ( قوله : لأنه إلخ ) أي قول ابن عبد السلام ( قوله : ومر ) أي : في أول الفروع . ( قوله : كما مر ) أي : في قوله : فالوجه حمله إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : عنه وعن غير ما يخالف إلخ ) ومما يخالفه كلام الروض فإنه صريح في أنه إذا لم يتأهل للعلم بالراجح ولا وجد من يخبره يتوقف ولا يتخير حيث قال هنا : وليس له أي : لكل من العامل ، والمفتي كما في شرحه العمل ، والفتوى بأحد القولين ، أو الوجهين من غير نظر إلى أن قال : فإن كان أهلا للترجيح ، أو التخريج استقل به متعرفا ذلك من القواعد ، والمآخذ و إلا تلقاه من نقلة المذهب فإن عدم الترجيح أي : بأن لم يحصله بطريق توقف أي : حتى يحصله إلى أن قال : فإن اختلفوا أي : الأصحاب في الأرجح ولم يكن أي : كل من العامل ، والمفتي أهلا للترجيح اعتمد ما صححه الأكثر فالأعلم ، وإلا أي : وإن لم يصححوا شيئا توقف . ا هـ . ولا يخفى مخالفة هذا لإطلاق الهروي السابق فإن قوله : تلقاه والأصح من نقلة المذهب وقوله : فإن اختلفوا ولم يكن أهلا للترجيح شامل للعامي إن لم يكن محصورا فيه ولم يخيره بل أوجب عليه تعرف الراجح إلا أن يكون ما قاله الهروي في اختلاف المتبحرين في غير الترجيح أو كلام شرح الروض في غير العامي الصرف ومخالفته لحمل الشارح المذكور بقوله : فالوجه حمل إلخ فإنه أوجب على غير المتأهل تعرف الراجح ومخالفته لما ذكره الشارح من التخيير إلا أن يحمل على المختلفين في غير الترجيح مع التساوي عنده ، أو على المتساويين فيه عنده وعن السبكي من جواز العمل بالمرجوح في حق نفسه فليتأمل . ا هـ . [ ص: 112 ] سم . ( قوله : بخلاف الحاكم إلخ ) ومثله المفتي . ( قوله : وصرح إلخ ) أي : السبكي . ( قوله : بأن له العمل بالمرجوح إلخ ) ينبغي أن يكون محله في مرجوح رجحه بعض أهل الترجيح ، أما مرجوح لم يرجحه أحد كأحد وجهين لشخص رجح مقابله ، أو لم يرجح منهما شيئا ورجح أحدهما جميع من جاء بعده من أهل الترجيح فيبعد تقليده ، والعمل به من عامي لم يتأهل للترجيح فليتأمل . ا هـ . سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم كان الأوجه إلخ ) خلاف الأوجه في شرح الروض من أنه لا يفسق بتتبعها من المذاهب المدونة . ا هـ . سم . ( قوله : يتقيد به ) الظاهر يعتد به وسيأتي في شرح نفذ ما يؤيده . ا هـ . سيد عمر . ( قوله وليس العمل برخص المذاهب إلخ ) فيه توقف . ( قوله : لصدق الأخذ إلخ ) من إضافة المصدر إلى مفعوله . ( قوله : وكذا يرد به ) أي : بما نقله ابن حزم ( قوله : بذلك ) أي : بالسؤال عن عالم واحد . ( قوله : وظاهره ) أي : قول ابن الهمام : جواز التلفيق محل تأمل . ا هـ . سيد عمر . ( قوله : وفي الخادم إلخ ) استطرادي .

                                                                                                                              ( قوله : كما مر بسط ذلك في شرح الخطبة إلخ ) عبارته هناك ولا ينافي ذلك قول ابن الحاجب كالآمدي من عمل في مسألة بقول إمام لا يجوز له العمل فيها بقول غيره اتفاقا فالتعين حمله على ما إذا بقي من آثار العمل الأول ما يلزم عليه مع الثاني تركب حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس ومالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة ، ثم رأيت السبكي في الصلاة من فتاويه ذكر نحو ذلك مع زيادة بسط وتبعه عليه جمع فقالوا إنما يمتنع تقليد الغير بعد العمل في تلك الحادثة بعينها لا مثلها أي : خلافا للجلال المحلي كأن أفتى ببينونة زوجته في نحو تعليق فنكح أختها ، ثم أفتى بأن لا بينونة فأراد أن يرجع للأولى ويعرض عن الثانية من غير إبانتها وكأن أخذ بشفعة الجوار تقليدا لأبي حنيفة ، ثم استحقت عليه فأراد تقليد الشافعي في تركها فيمتنع فيهما ؛ لأن كلا من الإمامين لا يقول به حينئذ فاعلم ذلك فإنه مهم ولا تغتر بظاهر ما مر . ا هـ . وبينا في هامش شرح الخطبة في تمثيله الأول فراجعه . ا هـ . سم . ( قوله : مثله ) أي : الآمدي . ( قوله : فيه تجوز ) خبر [ ص: 113 ] ونقل غير واحد . ( قوله : عليه ) أي : النقل . ( قوله : ثم ) أي : في شرح الخطبة . ( قوله : فإنه إلخ ) أي : ابن الحاجب . ( قوله : ذلك ) أي : الاتفاق المذكور . ( قوله : قال ) أي : ابن الحاجب . ( قوله : بالخلاف مطلقا ) أي : بدون ذكر مصدره من الأصوليين أو الفقهاء ، أو منهما . ( قوله : قيل إلخ ) مقابل الإطلاق المذكور . ( قوله : فيه ) أي : في ذلك الشيء .




                                                                                                                              الخدمات العلمية