الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو حلف لا يدخل دار زيد أو لا يكلم عبده أو ) لا يكلم ( زوجته فباعهما ) أي : الدار والعبد بيعا بتا أو بشرط الخيار للمشتري وكذا لهما إن أجيز البيع وهو مثال ، والمراد فأزال ملكه عنهما أو عن بعضهما ، وإن قل ( أو طلقهما ) بائنا ؛ إذ الرجعية زوجة ( فدخل ) الدار ، ( وكلمه ) أي : العبد أو الزوجة ( لم يحنث ) تغليبا للحقيقة لزوال الملك بالبيع والزوجية بالطلاق ، وبحث الزركشي في دار عرفت بالشؤم وعبد عرف بالشر الحنث مطلقا ؛ لأن إضافتهما لمجرد التعريف وفيه نظر إذ ما علل به قابل للمنع ، ولو اشترى بعد بيعهما غيرهما فإن أطلق أو أراد أي دار أو عبد ملكه حنث بالثاني أو التقييد بالأول فلا ، ( إلا أن يقول : داره هذه أو زوجته هذه أو عبده هذا ) أو يريد أي دار أو عبد جرى عليه ملكه أو أي امرأة جرى عليها نكاحه ( فيحنث ) تغليبا للإشارة على الإضافة ، وغلبت التسمية عليها فيما مر آنفا ؛ لأنها أقوى ؛ لأن الفهم يسبق إليها أكثر وعملا بتلك النية ، وألحق بالتلفظ بالإشارة نيتها ، وإنما بطل البيع في بعتك هذه الشاة فإذا هي بقرة ؛ لأن العقود يراعى فيها اللفظ ما أمكن ، ولو حلف لا يأكل لحم هذه السخلة فكبرت وأكله لم يحنث ، وفارقت نحو دار زيد هذه بأن الإضافة فيها عارضة فلم ينظر إليها بل لمجرد الإشارة الصادقة بالابتداء والدوام ، وفي تلك لازمة للزوم الاسم أو الصفة ؛ ولأن زوالها يتوقف على تغيير بعلاج [ ص: 31 ] أو خلقة فاعتبرت مع الإشارة وتعلقت اليمين بمجموعتهما .

                                                                                                                              فإذا زال أحدهما ككونهما سخلة في ذلك المثال زال المحلوف عليه ، وبهذا يعلم أنه لو زال اسم العبد بعتقه واسم الدار بجعلها مسجدا لم يحنث ، وإن أشار فالمراد بقولهم السابق تغليبا للإشارة أي : مع بقاء الاسم ( إلا أن يريد ) الحالف بقوله هذه أو هذا ( ما دام ملكه ) بالرفع والنصب فلا يحنث بدخول أو تكليم بعد زواله بملك أو طلاق ؛ لأنها إرادة قريبة ، ويأتي في قبول هذا في الحلف بطلاق أو عتق ما مر آنفا ، ولو قال : ما دام في إجارته وأطلق فالمتبادر منه عرفا كما قاله أبو زرعة أنه ما دام مستحقا لمنفعته فتنحل الديمومة بإيجاره لغيره ثم استئجاره منه ، وأفتى فيمن حلف لا يدخل هذا ما دام فلان فيه فخرج فلان ثم دخل الحالف ثم فلان بأنه لا يحنث باستدامة مكثه ؛ لأن استدامة الدخول ليست بدخول ويحنث بعوده إليه وفلان فيه لبقاء اليمين ، إن أراد بمدة دوامه فيه ذلك الدوام وما بعده ، أو أطلق أخذا مما قالوه في لا رأيت منكرا إلا رفعته للقاضي فلان وأراد ما دام قاضيا من أنه إذا رآه بعد عزله لا يحنث ولا تنحل اليمين ؛ لأنه قد يتولى القضاء فيرفعه إليه ويبر فإن أراد ما دام فيه هذه المرة انحلت بخروجه ا هـ وفيه نظر . والفرق بين ما هنا ومسألة القاضي ظاهر ؛ لأن الديمومة ثم مربوطة بوصف مناسب للمحلوف عليه يطرأ ويزول فأنيط به وهنا بمحل وهو لا يتطور فيه ذلك فانعدمت بخروجه منه .

                                                                                                                              وإن عاد إليه فالذي يتجه في حالة الإطلاق عدم الحنث كالحالة الأخيرة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وكذا لهما إن أجيز البيع إلخ ) لو دخل الدار زمن خيارهما ثم أجيز فينبغي عدم الحنث لتبين زوال الملك من حين البيع ، بل ولأنه في معنى الجاهل بالمحلوف عليه المشك في بقاء الملك باحتمال الإجارة أو ثم فسخ فهل يحنث لتبين بقاء الملك أو لا للشك المذكور فيه نظر أقول ما ذكر في أول هذه الحاشية مذكور في كلام الشارح .

                                                                                                                              ( قوله : فأزال ملكه عنهما أو عن بعضهما ، وإن قل أو طلقها فدخل وكلمه إلخ ) بقي ما لو اشترى العبد بعد بيعه وأعاد الزوجة بعد طلاقها ثم كلمهما وينبغي الحنث ( قوله : فإن أطلق إلى قوله حنث ) ينبغي جريان ذلك فيما إذا اشتراهما بعد بيعهما ، وجريان نظير ذلك في الزوجة إذا تزوج بعد طلاقها أخرى . ( قوله : أو التقييد بالأول فلا ) انظر لو أراد التقييد بالأول فاشترى العبد بعد بيعه وأعاد الزوجة بعد طلاقها ثم كلمهما وينبغي الحنث . ( قوله : وإنما بطل البيع في بعتك هذه الشاة فإذا هي بقرة ) لو كان ذكر الشاة بسبق اللسان فينبغي عدم البطلان . ( قوله الصادقة بالابتداء والدوام إلخ ) أي ابتداء أو دواما فيما [ ص: 31 ] نحن فيه وكأنه أراد حال ملكه وبعد زواله . ( قوله ما مر آنفا ) في شرح إلا أن يريد مسكنه ( قوله : أيضا ما مر آنفا ) فيه أنه لا يتأتى هنا الاعتراض السابق فإن قضية ما ادعاه عدم الحنث فليس فيه تغليظ بل تخفيف . ( قوله : من أنه إذا رآه بعد عزله لا يحنث ) يراجع مما يأتي وغيره . ( قوله ولا تنحل اليمين إلخ ) في مطابقة هذا لما حققه الشارح فيما يأتي نظر فتأمله معه . ( قوله : فانعدمت بخروجه ) الظاهر أن هذه الهاء لفلان ، وقوله : فالذي يتجه كذا شرح م ر . ( قوله كإلحاقه الأخيرة ) كان المراد بها فإن أراد ما دام فيه هذه المرة إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي الدار والعبد ) أي : أو بعضهما ا هـ مغني . ( قوله : وكذا لهما إلخ ) ولو لم يزل الملك بالبيع لأجل خيار مجلس أو شرط لهما أو للبائع حنث ، إن قلنا الملك للبائع أو موقوف وفسخ البائع البيع فإنه يتبين أن الملك للبائع فيتعين حنث الحالف ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : إن أجيز البيع ) ولو فسخ فهل يحنث لتبين بقاء الملك أو لا للشك في بقاء الملك باحتمال الإجازة فيه نظر ا هـ . سم ، وقد مر آنفا عن المغني الجزم بالأول ( قوله : وهو مثال إلخ ) فلو قال المصنف : فأزال ملكه عن بعضهما بدل فباعهما لكان أولى وأعم لتدخل الهبة وغيرها ا هـ مغني ( قوله : بائنا ) أي : أو رجعيا وانقضت عدته ا هـ مغني . ( قوله إذ الرجعية إلخ ) يؤخذ منه أنه لو حلف لا يبقي زوجته على عصمته أو على ذمته فطلقها طلاقا رجعيا لم يبر فيحنث بإبقائها مع الطلاق الرجعي ا هـ ع ش . ( قوله : مطلقا ) أي : أزال ملكه عنهما أم لا

                                                                                                                              ( قوله : ولو اشترى ) إلى قوله : وغلبت في المغني . ( قوله : ولو اشترى إلخ ) ومثله ما لو طلقها وتزوج غيرها . ( قوله ولو اشترى بعد بيعهما إلخ ) بقي ما لو اشترى العبد بعد بيعه وأعاد الزوجة بعد طلاقها ثم كلمهما وينبغي الحنث ا هـ . سم ( قوله : فإن أطلق ) إلى قوله : حنث ينبغي جريان ذلك فيما إذا اشتراهما بعد بيعهما وجريان نظير ذلك في الزوجة إذا تزوجها بعد طلاقها أخرى ا هـ سم . ( قوله عليها ) أي : الإشارة ( قوله : فيما مر آنفا ) أي : في قوله : لو حلف لا يدخل هذه الدار فصارت فضاء إلخ ا هـ ع ش . ( قوله : وعملا إلخ ) عطف على قوله : تغليبا إلخ فالأول تعليل للمتن والمعطوف تعليل لما زاده بقوله أو يريد إلخ ا هـ رشيدي . ( قوله : بتلك النية ) أي : إرادة أي : دار أو عبد جرى عليه ملكه . ( قوله : نيتها ) أي : الإشارة ( قوله : وإنما بطل البيع إلخ ) مر قريبا أن التسمية أقوى من الإشارة ، وهذا إنه فلا حاجة به إلى جواب فتأمل ا هـ رشيدي . ( قوله : وإنما بطل البيع في بعتك هذه الشاة إلخ ) ولو كان ذكر الشاة لسبق اللسان فينبغي عدم البطلان ا هـ سم . ( قوله وفارقت ) أي : مسألة لحم هذه السخلة ( قوله : بأن الإضافة فيها ) أي : في مسألة دار زيد هذه . ( قوله : الصادقة بالابتداء والدوام ) أي : ابتداء ودوام فيما نحن فيه وكأنه أراد حال ملكه وبعد زواله ا هـ . سم ( قوله : وفي تلك ) أي : في مسألة لحم هذه السخلة . ( قوله : للزوم الاسم إلخ ) أي : اسم السخلة ، واللام فيه للتعليل ، وقوله : [ ص: 31 ] أو الصفة أو فيه للإضراب ، والمراد بالصفة كونه سخلة ( قوله : أو خلقة ) هو الذي يظهر فيما نحن فيه ا هـ رشيدي . ( قوله : فاعتبرت ) أي الإضافة . ( قوله : الحالف ) إلى قوله : ويأتي في المغني ( قوله : بالرفع ) أي : على أنه اسم دام ، والنصب أي : على أنه خبرها والخبر أو الاسم محذوف ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : بعد زواله بملك أو طلاق ) عبارة المغني بعد زوال الملك والزوجية بالطلاق البائن ، ومثل زوال ملكه عن العبد ما لو أعتق بعضه كما لو حلف لا يكلم عبدا فكلم مبعضا فإنه لا يحنث ، وكذا لو حلف لا يكلم حرا أو لا يكلم حرا ولا عبدا كما لو حلف لا يأكل بسرة ولا رطبة فأكل منصفة ا هـ . ( قوله : ما مر آنفا ) أي : في شرح إلا أن يريد مسكنه ولا يتأتى هنا الاعتراض السابق فإن قضية ما ادعاه عدم الحنث فليس فيه تغليظ ، بل تخفيف ا هـ . سم عبارة ع ش أي : من عدم القبول ظاهرا ا هـ . ( قوله : وأطلق ) أي : أو أراد ما دام مستحقا لمنفعته كما هو ظاهر بخلاف ما إذا نوى ما دام عقد إجارته باقيا لم تنقض مدته فإنه يحنث ؛ لأن إجارته باقية لم تفرغ ولم تنقض قال ذلكأبو زرعة أيضا ا هـ رشيدي . ( قوله إنه ما دام إلخ ) الأسبك إسقاط إنه ( قوله : وأفتى ) أي : أبو زرعة ( قوله : أو أطلق ) ضعيف ا هـ ع ش . ( قوله : أخذا مما قالوه في لا رأيت منكرا إلا رفعته للقاضي إلخ ) سيأتي في شرح مسألة القاضي الآتية في المتن أن هذا كلام الروضة وليس فيها ذكر الديمومة ا هـ رشيدي . ( قوله : من أنه إلخ ) بيان لما قالوه . ( قوله : من أنه إذا رآه بعد عزله إلخ ) يراجع مما يأتي وغيره ا هـ سم . ( قوله : ولا تنحل اليمين إلخ ) في مطابقة هذا لما حققه الشرح ، فيما يأتي نظر فتأمله معه

                                                                                                                              ( قوله : ويبر ) بفتح الباء ( قوله : فإن أراد إلخ ) عطف على قوله : إن أراد بمدة إلخ ( قوله : بخروجه ) أي الفلان ا هـ سم . ( قوله : بوصف مناسب للمحلوف عليه إلخ ) أي : لأن الرفع إليه مناسب لا تصادفه بالقضاء إذ لا يرفع إلا للقاضي أو نحوه وذلك الوصف الذي هو القضاء يطرأ ويزول فكان ربط الرفع بهذا الوصف قرينة على إرادة حيثما وجد هذا الوصف فهو من دلالة الإيماء المقررة في الأصول ، هذا والذي سيأتي في مسألة القاضي أنه حيث نوى الديمومة انقطعت بالعزل ، وإن عاد إلى القضاء أي : إن لم يرد ذلك الدوام وما بعده كما هو ظاهر مما هنا وحينئذ فلا يفرق بين مسألة دخول البيت ومسألة الرفع للقاضي ا هـ رشيدي . ( قوله : في حالة الإطلاق ) أي : في مسألة الحلف على عدم الدخول ، وقول ع ش أي : في مسألة القاضي سبق قلم . ( قوله كالحالة الأخيرة ) هي قوله : فإن أراد ما دام فيه هذه المرة إلخ ع ش وسم




                                                                                                                              الخدمات العلمية