الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ، ( وصريحه ) ، ولو من هازل ولاعب ( تحرير وإعتاق ) أي : ما اشتق منهما لورودهما في القرآن والسنة متكررين ، أما نفسهما كأنت تحرير فكتابة كأنت طلاق وأعتقك الله أو عكسه صريح على تناقض فيه كطلقك الله وأبرأك الله ، وفارق نحو باعك الله وأقالك الله وزوجك الله فإنها كنايات لضعفها بعدم استقلالها بالمقصود بخلاف تلك ، ولو كان اسمها حرة قبل الرق عتقت بيا حرة ما لم ينو ذلك الاسم ، وقول ابن الرفعة لا تعتق عند الإطلاق مردود بأن هذا فيمن اسمها ذلك عند النداء ، ولو زاحمته امرأة فقال : تأخري يا حرة فبانت أمته لم تعتق كما أفتى به الغزالي ويشكل عليه ما مر في نظيره من الطلاق إلا أن يجاب بأن هنا معارضا قويا هو غلبة استعمال حرة في نحو ذلك بمعنى العفيفة عن الزنا ولا كذلك ثم ، ولو قيل : له أمتك زانية فقال : بل حرة وأراد عفيفة قبل ، وكذا إن أطلق فيما يظهر القرينة القوية هنا ، ولو قال لمكاس خوفا منه على قنه هذا حر لم يعتق عليه باطنا قال الإسنوي : ولا ظاهرا كما اقتضاه كلامهم في أنت طالق لمن يحلها من وثاق بجامع وجود القرينة الصارفة فيهما ، وهو أوجه من تصويب الدميري خلافه كما لو قيل : له أطلقت زوجتك فقال : نعم قاصدا الكذب ويرد قياسه بأن الاستفهام منزل فيه الجواب على السؤال كما صرحوا به فلم ينظر فيه لقصده وبفرض المساواة [ ص: 356 ] ليس هنا قرينة على القصد بخلاف مسألتنا وعند الخوف لا فرق بين قصده الكذب في إخباره وأن يطلق اكتفاء بقرينة الخوف

                                                                                                                              وقول بعضهم : يعتق عند الإطلاق يحمل على ما إذا لم يقله خوفا إذ لا قرينة ، وقوله لغيره أنت تعلم أنه حر إقرار بحريته بخلاف أنت تظن ، ولو قال لقنه افرغ من العمل قبل العشاء ، وأنت حر وقال : أردت حرا من العمل دين أي : ؛ لأن القرينة هنا ضعيفة بخلافها في حل الوثاق ؛ لأن استعمال الطلاق فيه شائع بخلاف الحرية في فراغ العمل أو أنت حر مثل هذا العبد ، وأشار إلى عبد آخر عتق الأول أو مثل هذا عتقا الأول بالإنشاء والثاني بالإقرار ، ومن ثم لو كذب لم يعتق باطنا ( وكذا فك رقبة ) أي : ما اشتق منه فإنه صريح ( في الأصح ) لوروده في القرآن ، وترجمة الصريح صريحة وإشارة الأخرس هنا كهي في الطلاق

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فلم ينظر فيه لقصده إلخ ) لقائل أن يقول : الكلام فيما إذا قيل له أطلقت زوجتك استخبارا لا [ ص: 356 ] التماسا لإنشاء بدليل قوله : قاصدا الكذب ، إذ الكذب لا يدخل الإنشاء ، بل الخبر كما تقرر في محله ، وحينئذ يتوجه على قوله فلم ينظر فيه لقصده أنه لو لم ينظر لقصده الكذب لكان الكلام محمولا على الصدق ؛ لأنه إذا انتفى قصد الكذب لزم الحمل على الصدق ، إذ الكلام فيمن تكلم عن قصد فإذا ألغى قصده الكذب ثبت حكم الصدق فكان يلزم الوقوع باطنا أيضا مع أنه ليس كذلك فليتأمل . وقد يقال : مراد الشارح أن العبرة بالسؤال فإذا قصد به الإنشاء حكمنا بالوقوع ظاهرا بالجواب لتنزيله على السؤال فإن كان المجيب قصد الإخبار كاذبا قبل باطنا لا ظاهرا فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف مسألتنا إلخ ) وقوله : لضارب قنه عبد غيرك حر مثلك لا عتق به كما لو قال لقنه : يا خواجا ش م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ولو من هازل ) إلى قوله على تناقض في المغني وإلى قول المتن وهي لا ملك في النهاية مع مخالفة سأنبه عليها سيد عمر وإلا قوله : على تناقض فيه وقوله : مع أنه معلوم إلى المتن . ( قوله : أي : ما اشتق منهما ) كأنت محرر أو حررتك أو عتيق أو معتق مغني . ( قوله : كأنت تحرير ) أي : أو إعتاق مغني . ( قوله : كأنت طلاق ) أي : كقوله لزوجته أنت طلاق مغني . ( قوله : أو عكسه ) أي : الله أعتقك نهاية . ( قوله : بعدم استقلالها إلخ ) أي : فإنه لا بد معها من القبول ويعلم من ذلك أن ما يستقل به الفاعل مما لا يحتاج إلى قبول إذا أسنده لله تعالى كان صريحا وما لا يستقل به كالبيع إذا أسنده له تعالى كان كناية ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ولو كان اسمها حرة إلخ ) عبارة المغني لو كان اسم أمته قبل إرقاقها حرة فسميت بغيره فقال لها يا حرة عتقت إن لم يقصد النداء لها باسمها القديم فإن كان اسمها في الحال حرة لم تعتق إلا إذا قصد العتق ا هـ . ( قوله : بأن هذا إلخ ) أي : عدم العتق عند الإطلاق . ( قوله : فقال تأخري إلخ ) أي : وأطلق كما يفيده جوابه الآتي بخلاف ما إذا قصد المعنى الشرعي فتعتق . ( قوله : ولا كذلك ثم ) أي : فيما مر في نظيره من الطلاق . ( قوله : فبانت أمته لم تعتق ) وإنما أعتق الشافعي رضي الله تعالى عنه أمته بذلك تورعا مغني أقول تأمل قوله تورعا فإنه إذا كان لا يرى العتق بذلك فهي باقية على ملكه نعم إن أتى بعد ذلك بصيغة عتق فلا إشكال سيد عمر . ( قوله : ولو قيل ) إلى قوله وهو أوجه في المغني . ( قوله : لم يعتق عليه باطنا إلخ ) عبارة النهاية عتق عليه ظاهرا لا باطنا واعتمد الإسنوي خلافه كما اقتضاه كلامهم إلخ وصوب الدميري الأول وهو المعتمد قياسا على ما لو قيل له أطلقت إلخ وإن رد بأن الاستفهام إلخ سيد عمر وعبارة المغني لم يعتق عليه باطنا وقول الإسنوي ولا ظاهرا كما لو قال لها أنت طالق وهو يحلها من وثاق ثم ادعى أنه أراد طلاقها من الوثاق مردود فإن ذلك إنما هو قرينة على أنه إخبار ليس بإنشاء ولا يستقيم كلامه معه إلا إذا كان على ظاهره ا هـ . ( قوله : خلافه ) وهو أنه يعتمد ظاهرا لا باطنا نهاية وقوله : كما لو قيل إلخ من كلام الدميري .

                                                                                                                              ( قوله : ويرد قياسه بأن الاستفهام منزل فيه الجواب على السؤال ) تنزيل الجواب على السؤال لا يقتضي كون الجواب إنشاء بل يقتضي كونه إخبارا لأن السؤال إنما يكون عن أمر قد انقضى أي : إذا كان بمثل هذه الصيغة الماضوية والحاصل أن قوله بأن الاستفهام إلخ لا حاصل له وقوله : بخلاف مسألتنا مسلم لكن قد يقال القرينة ضعيفة كما في قوله لقنه أفرغ من العمل فليتأمل سيد عمر . ( قوله : فلم ينظر فيه لقصده إلخ ) لقائل أن يقول الكلام فيما إذا قيل له أطلقت زوجتك استخبارا لا التماسا لإنشاء [ ص: 356 ] بدليل قوله قاصدا الكذب إذ الكذب لا يدخل الإنشاء بل الخبر كما تقرر في محله وحينئذ يتوجه على قوله فلم ينظر فيه لقصده أنه لو لم ينظر لقصده الكذب لكان الكلام محمولا على الصدق ؛ لأنه إذا انتفى قصد الكذب لزم الحمل على الصدق إذ الكلام فيمن تكلم على قصد فإذا ألغي قصده الكذب ثبت حكم الصدق فكان يلزم الوقوع باطنا أيضا مع أنه ليس كذلك فليتأمل وقد يقال مراد الشارح أن العبرة بالسؤال فإذا قصد به الإنشاء حكمنا بالوقوع ظاهرا بالجواب لتنزيله على السؤال فإذا كان المجيب قصد الإخبار كاذبا قبل باطنا لا ظاهرا فليتأمل سم .

                                                                                                                              ( قوله : ليس هنا ) أي : في مسألة الاستفهام . ( قوله : وعند الخوف لا فرق إلخ ) محل تأمل لأن كلامهم في مسألة الطلاق المقيس عليها بفرض تسليمه مقيد بحالة الإرادة فليتأمل سيد عمر . ( قوله : وقوله لغيره ) إلى قوله الأول بالإنشاء في المغني . ( قوله : إقرار بحريته ) أي : فإن كان صادقا عتق باطنا أيضا وإلا عتق ظاهرا لا باطنا ع ش . ( قوله : بخلاف أنت تظن ) أي : أو ترى مغني . ( قوله : قبل العشاء ) ليس بقيد ع ش . ( قوله : دين ) أي : فيعتق ظاهرا لا باطنا ع ش ومغني . ( قوله : فيه ) أي : في حمل الوثاق . ( قوله : بخلاف الحرية إلخ ) أي : استعمالها . ( قوله : أو أنت حر إلخ ) ولو قال السيد لضارب عبده عبد غيرك حر مثلك لم يحكم بعتقه ؛ لأنه لم يعينه كما لو قال لقنها يا خواجا نهاية ومغني قال ع ش قوله : لم يحكم بعتقه أي : حيث قصد بذلك أنه لا تسلط للضارب على عبد غيره كما أنه لا تسلط له على الحر أو أطلق كما هو ظاهر ا هـ وهذا يفيد أنه إذا أراد العتق يحكم بعتقه فليراجع وقال السيد عمر قوله : كما لو قال لقنها إلخ واضح أن محله ما لم يرد به عتقه ا هـ . ( قوله : إلى عبد آخر ) أي : له عتق الأول أي : المخاطب دون ذلك العبد مغني . ( قوله : أي : ما اشتق منه ) أي : كمفكوك الرقبة مغني . ( قوله : فإنه ) لا حاجة إليه . ( قوله : كهي في الطلاق ) أي : فإن فهمها كل أحد فصريحة أو الفطن دون غيره فكناية وإلا فلغو ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية