الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو رجع شهود مال ) عين ولو أم ولد شهدا بعتقها أو دين وإن قالوا غلطنا ( غرموا ) للمحكوم عليه قيمة المتقوم ومثل المثلي بعد غرمه لا قبله .

                                                                                                                              وهل يعتبر فيها وقت الشهادة [ ص: 284 ] لأنها السبب أو الحكم ؛ لأنه المفوت ؟ حقيقة كل محتمل والأقرب الأول في الشاهد والثاني في الحاكم ولا رجوع في الشهادة بالاستيلاد إلا بعد موت السيد وبالتعليق إلا بعد وجود الصفة ( في الأظهر ) لأنهم أحالوا بينهم وبين ماله ومن ثم لو فوتوه ببدله كبيع بثمن يعادل المبيع لم يغرموا كما قاله الماوردي واعتمده البلقيني وشذ ابن عبد السلام ومن تبعه في قوله من سعى برجل لسلطان فغرمه شيئا رجع به على الساعي كشاهد رجع وكما لو قال هذا لزيد بل لعمرو ا هـ . والفرق واضح إذ لا إلجاء من الساعي شرعا ( ومتى رجعوا كلهم وزع عليهم الغرم ) بالسوية إن اتحد نوعهم وإن ترتب رجوعهم أو زادوا على النصاب ( أو ) رجع ( بعضهم وبقي نصاب ) كأحد ثلاثة في غير زنا ( فلا غرم ) لبقاء الحجة ( وقيل يغرم قسطه ) لأن الحكم مستند للكل ( وإن نقص النصاب ولم تزد الشهود عليه ) كأن رجع أحد اثنين ( فقسط ) من النصاب وهو النصف يغرمه الراجع ( وإن زاد ) عدد الشهود على النصاب كاثنين من ثلاثة ( فقسط من النصاب ) فعليهما نصف لبقاء نصف الحجة ( وقيل من العدد ) فعليهما ثلثان لاستوائهم في الإتلاف ( وإن شهد رجل وامرأتان ) فيما يثبت بهم ثم رجعوا ( فعليه نصف وهما نصف ) على كل واحدة ربع ؛ لأنهما كرجل وأخذ منه أنهم يتوزعون الأجرة كذلك وفيه نظر والفرق واضح فإن مدار الأجرة على التعب وهو يختلف باختلاف الأشخاص ومدار الحكم على الإلجاء وهو وليس كذلك والخنثى كالأنثى ( أو ) شهد رجل ( وأربع في رضاع ) ونحوه مما يثبت بمحضهن ثم رجعوا ( فعليه ثلث وهن ثلثان ) لما تقرر أن كل ثنتين برجل وهن ينفردن بهذه الشهادة فلم يتعين الشطر ( فإن رجع هو أو ثنتان ) فقط ( فلا غرم في الأصح ) لبقاء النصاب ( وإن شهد هو وأربع ) من النساء ( بمال ) ورجع الكل ( فقيل كرضاع ) فعليه الثلث أو هو وحده فعليه النصف كما علم من قوله أولا فقسط ويدل له أيضا قوله ( والأصح ) أنه ( هو ) عليه ( نصف وهن ) عليهن ( نصف ) لأنه النصف وهن وإن كثرن كنصف إذ لا يقبلن منفردات في المال ( سواء رجعن معه أو ) مر أن هذا لغة ( وحدهن ) بخلاف الرضاع يثبت بمحضهن ( وإن رجع ثنتان إلخ ) [ ص: 285 ] الأصح ) أنه ( لا غرم ) عليهما لبقاء النصاب ولو شهد رجلان وامرأة ثم رجعوا لزمها الخمس ( و ) الأصح ( أن شهود إحصان ) مع شهود زنا ( أو ) شهود ( صفة مع شهود تعليق طلاق وعتق لا يغرمون ) إذا رجعوا بعد الرجم ونفوذ الطلاق أو العتق وإن تأخرت شهادتهم عن الزنا والتعليق أما شهود الإحصان فلما مر فيهم أول الفصل رجعوا مع شهود الزنا أو وحدهم وأما شهود الصفة فلأنهم لم يشهدوا بطلاق ولا عتق وإنما أثبتوا صفة فقط هي شرط لا سبب والحكم إنما يضاف للسبب لا للشرط .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو رجع شهود مال غرموا إلخ ) . ( فرع ) لو لم يقولا رجعنا لكن قامت بينة برجوعهما لم يغرما قال الماوردي : لأن الحق باق على المشهود عليه شرح الروض قال شيخنا الشهاب الرملي المعتمد أنهما يغرمان . ( قوله : [ ص: 284 ] ولا رجوع في الشهادة بالاستيلاد إلخ ) عبارة الروض وشرحه أو شهدا بإيلاد أو تدبير ثم رجعا بعد الحكم غرما القيمة بعد الموت لا قبله ؛ لأن الملك إنما يزول بعده إلخ أو شهدا بتعليق طلاق أو عتق بصفة إلخ ا هـ . فصل : إذا حكم القاضي بشهود فبانوا مردودين فقد سبق أنه ينقض فتعود المطلقة زوجة والمعتقة أمة وإن استوفي قطع أو قتل فعلى عاقلة القاضي ولو في حد الله تعالى فإن كان أي : المحكوم به مالا تالفا ضمنه المحكوم له فلو كان معسرا أي : أو غائبا غرم القاضي ورجع به إذا أيسر ولا غرم على الشهود . ( قوله : ومتى رجعوا كلهم وزع عليهم الغرم أو بعضهم وبقي نصاب إلخ ) قال في الروض وإن شهد أربعة بأربعمائة ثم رجع واحد عن مائة [ ص: 285 ] وآخر عن مائتين والثالث عن ثلثمائة والرابع عن أربعمائة فالرجوع عن مائتين فقط فمائة يغرمها الأربعة وثلاثة أرباع مائة يغرمها غير الأول بالسوية قال في شرحه : قال البلقيني : الصحيح أن الثلاثة إنما يغرمون نصف المائة وما ذكر إنما يتأتى على الضعيف القائل بأن كلا منهم إنما يغرم حصته مما رجع عنه وما قاله متعين فعليه النصف الآخر ولا غرم فيه ا هـ . وما ونقله عن البلقيني وقال : إنه متعين هو الصحيح كما قاله شيخنا الشهاب الرملي



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو رجع إلخ ) ولو لم يقل الشاهدان رجعنا ولكن قامت بينة برجوعهما لم يغرما شيئا قال الماوردي : لأن الحق باق على المشهود عليه مغني وفي سم بعد ذكر مثل ذلك عن الأسنى ما نصه قال شيخنا الشهاب الرملي المعتمد أنهما يغرمان ا هـ وتقدم في الشرح والنهاية في أول الفصل ما يوافقه . ( قوله : عين ) إلى قوله وهل يعتبر في المغني إلا قوله ولو أم ولد شهدا بعتقها وإلى قوله فقط هي شرط في النهاية إلا قوله وهل يعتبر إلى ولا رجوع وقوله رجعوا مع شهود الزنا أو وحدهم .

                                                                                                                              ( قوله : ولو أم ولد إلخ ) تقدم آنفا عن النهاية والأسنى ما يتعلق به راجعه . ( قوله : وإن قالوا غلطنا ) الأسبك تأخيره عن جواب لو . ( قول المتن غرموا إلخ ) وإذا حكم القاضي بشاهدين فبانا مردودين في شهادتهما بكفر أو رق أو فسق أو غيرها فقد سبق أن حكمه يتبين بطلانه فتعود المطلقة بشهادتهم زوجة والمعتقة بها أمة فإن استوفي بها قتل أو قطع فعلى عاقلة القاضي الضمان ولو حدا لله تعالى وإن كان المحكوم به مالا تالفا ضمنه المحكوم له فلو كان معسرا أو غائبا غرم القاضي للمحكوم عليه ورجع به على المحكوم له إذا أيسر أو حضر ولا غرم على الشهود ؛ لأنهم ثابتون على شهادتهم ولا على المزكين لأن الحكم غير مبني على شهادتهم مع أنهم تابعون للشهود مغني وروض مع شرحه وأقره سم . ( قوله : للمحكوم عليه إلخ ) ( تنبيه ) لو صدقهم الخصم في الرجوع عادت العين إلى من انتزعت منه ولا غرم مغني . ( قوله : قيمة المتقوم ومثل المثلي ) وفاقا للمنهج والنهاية والمغني وفي البجيرمي ما نصه : قال سلطان والزيادي وفيه نظر لأن المغروم إنما هو للحيلولة فالواجب القيمة مطلقا وحينئذ قيل تعتبر وقت الحكم وهو المعتمد ؛ لأنه المفوت حقيقة وقيل أكثر ما كانت من وقت الحكم إلى وقت الرجوع وقيل يوم شهدوا ا هـ . ( قوله : بعد غرمه ) أي : البدل .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 284 ] والأقرب الأول في الشاهد ) خلافا للنهاية والأسنى عبارة الأول والعبرة بوقت الشهادة إن اتصل بها الحكم ا هـ وعبارة الثاني والعبرة فيها بوقت الشهادة كما نقله الروياني عن ابن القاص وهو محمول على ما إذا اتصل بها الحكم ؛ لأنه وقت نفوذ العتق وبه عبر الماوردي على أحد وجهين ثانيهما اعتبار أكثر قيمة من وقت الحكم إلى وقت الرجوع ا هـ . قال الرشيدي : قوله : إن اتصل الحكم أي : فإن لم يتصل بها فالعبرة بوقته ؛ لأنه وقت نفوذ العتق ا هـ . ( قوله : ولا رجوع في الشهادة إلخ ) عبارة الروض مع شرحه والمغني والنهاية أو شهدا بإيلاد أو تدبير ثم رجعا بعد الحكم غرما القيمة بعد الموت لا قبله لأن الملك إنما يزول بعده أو شهدا بتعليق عتق أو طلاق بصفة ثم رجعا بعد الحكم غرما المهر أو القيمة بعد وجود الصفة لا قبله لما مر ا هـ . ( قوله : وبالتعليق إلخ ) ولو شهد اثنان بكتابة رقيق ثم رجعا بعد الحكم وعتق بالأداء ظاهرا هل يغرمان القيمة كلها لأن المؤدى من كسبه أو نقص النجوم عنها ؛ لأنه الفائت ؟ وجهان أشبههما كما قاله الزركشي الثاني مغني وفي سم بعد نقله عن الأسنى نحوه ما نصه : وقياس ما تقدم عن الرافعي في عتق الأمة ترجيح الأول ا هـ . وكذا جرى عليه النهاية عبارته أو شهدا بكتابة ثم رجعا غرما جميع القيمة في أرجح الوجهين لا نقص النجوم عنها ا هـ . أي : القيمة ع ش . ( قوله : ومن ثم لو فوتوه إلخ ) ولو استوفى المشهود له بشهادة اثنين مالا ثم وهبه للخصم أو شهدا بإقالة من عقد وحكم بها ثم رجعا فلا غرم عليهما لأن الغارم عاد إليه ما غرمه ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قول المتن ومتى رجعوا كلهم إلخ ) ولو شهد أربعة على آخر بأربعمائة فرجع واحد منهم عن مائة وآخر عن مائتين والثالث عن ثلثمائة والرابع عن الجميع فيغرم الكل مائة أرباعا لاتفاقهم على الرجوع عنها وتغرم أيضا الثلاثة أي : غير الأول نصف المائة لبقاء نصف الحجة فيها بشهادة الأول وأما المائتان الباقيتان فلا غرم فيها لبقاء الحجة بهما نهاية وأسنى ومغني و سم وفي ع ش بعد إيضاح ذلك ما نصه : قوله : نصف المائة أي : زيادة على المائة التي قسمت بينهم ا هـ . ( قول المتن وزع عليهم إلخ ) ولو شهد اثنان بعقد نكاح في وقت واثنان بالوطء في وقت وبعده واثنان بالتعليق بعد ذلك ورجع كل عما شهد به بعد الحكم غرم من شهد بالعقد والوطء ما غرمه الزوج بالسوية بينهم نصف بالعقد ونصف بالوطء ولا يغرم من شهد بالتعليق شيئا ولا من أطلق الشهادة بالوطء ا هـ مغني . ( قوله : بالسوية ) إلى قوله وأخذ منه في المغني . ( قوله : لبقاء الحجة ) أي : فكان الراجع لم يشهد مغني . ( قول المتن وإن نقص النصاب ) أي : بعد رجوع بعضهم وقول المتن عليه أي : النصاب مغني . ( قوله : كأن رجع أحد اثنين ) أي : فيما يثبت بهما كالعتق مغني . ( قوله : كاثنين من ثلاثة ) أي : في غير الزنا مغني . ( قوله : وأخذ منه ) أي : من التعليل . ( قوله : وفيه نظر إلخ ) فالمعتمد أن كلا منهم يستحق أجرة مثل عمله ع ش . ( قوله : والخنثى ) إلى قوله وإن تأخرت في المغني . ( قوله : فلم يتعين ) أي : الرجل . ( قول المتن فلا غرم في الأصح ) وعليه لو [ ص: 285 ] شهد مع عشرة نسوة ثم رجعوا غرم للسدس وعلى كل ثنتين السدس فإن رجع منهن ثمان أو هو ولو مع ست فلا غرم على الراجح لبقاء الحجة وإن رجع مع سبع غرموا الربع لبطلان ربع الحجة وإن رجع كلهن دونه أو رجع هو مع ثمان غرموا النصف لبقاء نصف الحجة فيهما أو مع تسع غرموا ثلاثة أرباع مغني وروض مع شرحه .

                                                                                                                              ( قوله : مع شهود زنا ) عبارة المغني دون شهود الزنا كما صوراها في الشرح والروضة أو معهما كما شمله إطلاق المصنف فإن الخلاف جار في ذلك ا هـ . ( قول المتن مع شهود تعليق طلاق إلخ ) أي : على صفة مغني . ( قول المتن وعتق ) الواو بمعنى أو كما يشير إليه الشارح . ( قول المتن لا يغرمون ) أي : وإنما يغرم شهود الزنا والتعليق رشيدي . ( قوله : فلما مر ) ولأنهم لم يشهدوا بموجب عقوبة وإنما وصفوه بصفة كمال نهاية ومغني . ( قوله : رجعوا مع شهود الزنا أو وحدهم ) الأنسب إما تقديمه على قوله أو شهود صفة كما مر عن المغني أو تركه كما في النهاية




                                                                                                                              الخدمات العلمية