الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              الثاني : علم مما مر أن من يدعي حقا لغيره وليس وكيلا ولا وليا لا تسمع دعواه ومحله إن كان يدعي حقا لغيره غير منتقل إليه بخلاف ما إذا كان منتقلا منه إليه أي : أو كان عينا لمدينه له بها تعلق كما علم مما مر ويأتي في ضابط الحالف فمن الأول ما لو اشترى أمة ثم أراد أن يثبت على بائعه أنه أقر بأنها مغصوبة من فلان بخلاف ما لو ادعى فساد البيع لإقراره قبله بغصبها ؛ لأنه هنا يثبت حقا لنفسه هو فساد البيع وإنما سمعت بينته بإقراره قبل البيع أنها عتيقة ؛ لأنه لا يثبت حقا لآدمي ومنه دعوى دائن ميتة أن لها مهرا على زوجها ودعوى زوجة دينا لزوجها فلا تسمعان وإن كان لو ثبت ذلك تعلق به حق الدائن ونفقتها في الثانية ومن الثاني ما لو اشترى سهما شائعا من ملك وأثبت في غيبة البائع أن ما اشتراه منه هو الذي خصه من تركة أبيه فادعى أخوه أن أبانا وهبني ذلك الملك كله هبة لازمة وأقام بينة بذلك فأقام المشتري شاهدا بأن الأب رجع في الهبة سمعت دعواه وبينته فيحلف مع شاهده ؛ لأنه يدعي ملكا لغيره منتقلا منه إليه كالوارث فيما يدعيه لمورثه بخلاف غريم الغريم قاله ابن الصلاح [ ص: 311 ]

                                                                                                                              ومنه ما مر قبيل التنبيه الأول في دعوى الرهن والإجارة ومنه ما لو أقر من له أخ بملك لابنه فلان ثم مات فادعى الأخ أنه الوارث وأن المقر ببنوته ولد على فراش فلان وأثبت ذلك ثبت نسب المقر به ممن ولد على فراشه وبطل إقرار الميت ببنوته ومنه ما لو ادعى دارا بيد بكر وأنه اشتراها من زيد المشتري لها من عمرو المشتري لها من بكر فأنكر سمعت بينته بالبيعين

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فلا تسمعان ) إلا تبعا كدعوى دينه على الميتة ونفقتها على زوجها لقصد الوفاء من ذلك فيما يحتمل ثم رأيت كلام الشارح في شرح قول المصنف الآتي من توجهت عليه يمين إلخ يقتضي خلاف ذلك ، وكلامه السابق في القضاء على الغائب في شرح قول المصنف وإذا ثبت مال على غائب وله مال يصرح بخلاف ذلك . ( قوله أيضا فلا تسمعان ) أي : لأن كلا من مهر الميتة ودين الزوج لا ينتقل للمدعي وإن كان لو ثبت تعلق به حقه ففرق بين ما ينتقل وما لا لكن يتعلق به الحق لكن يتأمل الفرق بين ذلك وما تقدم قبيل التنبيه الأول ويفرق بأن مدعاه فيما [ ص: 311 ] تقدم تعلق حقه بالعين ثم رأيت قول الشارح ومنه ما مر قبيل التنبيه الأول إلخ ومنه يؤخذ الفرق على ما فيه مما يعرف بالتأمل . ( قوله : ومنه ما مر قبيل التنبيه ) يتأمل كون ذلك منه . ( قوله : ومنه ما لو أقر من له أخ بملك لابنه فلان إلخ ) يتأمل وجه كون هذا من الثاني وأن المدعى فيه حق للغير ينتقل منه للمدعي فإن المدعي أنه الوارث وأن المقر ببنوته ولد على فراش فلان وواحد من هذين ليس حقا للميت منتقلا للمدعي إلا أن يراد أنه يترتب على ذلك حق كذلك وهو الإرث



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله الثاني إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع ) لو ادعى جارية على منكرها فاستحقها بحجة ووطئها وأولدها ثم أكذب نفسه ، لم تكن زانية بذلك ؛ لأنها تنكر ما يقول ولم يبطل الإيلاد وحرية الولد ؛ لأن إقراره لا يلزم غيره ، وإن وافقته الجارية على ذلك ، إذ لا يرفع ما حكم به برجوع محتمل فيلزمه المهر ، إن لم تعترف هي بالزنا ويلزمه الأرش ، إن نقصت ولم يولدها ، وقيمة الولد وأمه إن أولدها ، ولا يطؤها بعد ذلك إلا بشراء جديد ، فإن مات قبل شرائها أو بعده عتقت عملا بقوله الأول ، ووقف ولاؤها إن مات قبل شرائها ، وكذا الحكم لو أنكر صاحب اليد وحلف أنها له وأولدها ثم أكذب نفسه ، فيأتي فيها جميع ما مر فيها ، فلا تكون زانية بإقراره ، ولا يبطل الإيلاد ولا حرية الولد ، ويلزمه المهر والأرش وقيمة الولد وأمه ، ولا يطؤها إلا بشراء جديد ، فإن مات عتقت ووقف ولاؤها ، ويجب أجرة مثلها في الحالين ، روض مع شرحه ، وكذا في المغني والأنوار ، إلا قوله : فلا تكون زانية بإقراره إلخ .

                                                                                                                              ( قوله مما مر ) أي في شروط الدعوى أو في قوله : ولو أقام المدعي بينة بدعواه والمدعى عليه بينة بأنها للغائب إلخ . ( قوله ولا وليا ) أي ولا ناظرا كما مر ( قوله ومحله ) أي محل عدم السماع فيما ذكر ( قوله لمدينة ) الأوفق لما مر ويأتي إبداله بغيره ( قوله له بها تعلق ) أي ثابت بالفعل وسابق على الدعوى والإثبات ، بخلاف التعلق الآتي في قوله : ومنه دعوى دائن ميتة إلخ ( قوله مما مر ) أي في قوله : ولو أقام المدعي بينة بدعواه إلخ أو في القضاء على الغائب في شرح : وإذا ثبت مال على غائب وله مال . ( قوله فمن الأول ) وهو غير المنتقل ( قوله أنه أقر إلخ ) ظاهره قبل البيع أو بعده ( قوله لإقراره إلخ ) متعلق بالفساد ( قوله وإنما سمعت إلخ ) جواب سؤال منشؤه قوله : فمن الأول ما لو اشترى أمة إلخ ( قوله ومنه ) أي الأول ( قوله فلا يسمعان ) الأولى التأنيث ( قوله وإن كان لو ثبت إلخ ) أي : تبعا كدعوى دينه على الميتة ، ونفقتها على زوجها ولو بقصد وفاء الدين أو النفقة من ذلك ، كما هو مقتضى كلامه الآتي في شرح : ومن توجهت عليه يمين إلخ ، وصريح كلامه السابق في القضاء على الغائب في شرح : وإذا ثبت مال على غائب وله مال سم . ( قوله حق الدائن ) أي في الأولى ( قوله فيحلف مع شاهده ) يعني إذا عجز عن شاهد آخر مثلا ( قوله لأنه يدعي إلخ ) علة لقوله سمعت [ ص: 311 ] دعواه وبينته . ( قوله ومنه ما مر قبيل التنبيه الأول ) يتأمل كون ذلك منه سم ، ولك أن تقول : وجهه أن المراد بالثاني ما يشمل قول الشارح : أي أو كان لمدينه إلخ . ( قوله ومنه ما لو أقر من له أخ إلخ ) يتأمل وجه كون هذا من الثاني ، وأن المدعى به فيه حق للغير منتقل منه للمدعي ، فإن المدعى به أنه الوارث وأن المقر ببنوته ولو على فراش فلان ، وواحد من هذين ليس حقا للميت منتقلا منه للمدعي ، إلا أن يراد أنه يترتب على ذلك حق كذلك وهو الإرث سم . ( قوله بالبيعين ) أي بيع بكر لعمرو وبيع عمرو لزيد ، وأما بيع زيد للمدعي فليس مما نحن فيه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية