الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو كاتباه ) أي : عبدهما استوى ملكهما فيه أم اختلف ( معا ، أو وكلا ) من يكاتبه ، أو وكل أحدهما الآخر ( صح ) ذلك ( إن اتفقت النجوم ) جنسا وصفة [ ص: 399 ] وعددا وأجلا ( وجعل ) عطف على صح ( المال على نسبة ملكيهما ) صرحا بذلك أم أطلقا ؛ لئلا يؤدي إلى انتفاع أحدهما بمال الآخر ، فإن انتفى شرط مما ذكر بأن جعلاه على غير نسبة الملكين فسدت ( فلو عجز ) المكاتب ( فعجزه أحدهما ) وفسخ الكتابة ( وأراد الآخر إبقاءه ) أي : العقد في حصته وإنظاره ( فكابتداء عقد ) على البعض أي : هو مثله فلا يجوز ولو بإذن الشريك كما مر ( وقيل : يجوز ) ؛ لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ( ولو أبرأ ) أحد المكاتبين العبد ( من نصيبه ) من النجوم ( أو أعتقه ) أي : نصيبه منه ، أو كله ( عتق نصيبه ) منه ( وقوم ) عليه ( الباقي ) وعتق عليه وكان الولاء كله له ( إن كان موسرا ) ، وقد عاد رقه بأن عجز فعجزه الآخر كما علم مما قدمته في مبحث السراية فلا اعتراض عليه وذلك لما مر ثم ولأنه لما أبرأه من جميع ما يستحقه أشبه ما لو كاتب جميعه وأبرأه من النجوم ، أما إذا أعسر ، أو لم يعد الرق وأدى نصيب الشريك من النجوم فيعتق نصيبه عن الكتابة ويكون الولاء لهما . وخرج بالإبراء ، والإعتاق ما لو قبض نصيبه فلا يعتق ، وإن رضي الآخر بتقديمه ؛ لأنه ليس له تخصيص أحدهما بالقبض

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إن اتفقت النجوم ) هلا صح مع اختلافها أيضا وقسم كل [ ص: 399 ] نجم على نسبة الملكين فأي محذور فيما لو ملكاه بالسوية وكاتباه على نجمين أحدهما دينار في الشهر الأول والآخر درهم في الشهر الثاني مثلا أو ثوب في الشهر الثاني مثلا فإن العوض معلوم وحصة كل واحد منه في شهرين والآخر في ثلاثة ثم ظهر أنه يحتمل أن المراد باتفاق النجوم جنسا أن لا يكون بالنسبة لأحدهما دنانير وللآخر دراهم لا أن يكون دنانير ودراهم بالنسبة لهما جميعا كما في المثال الذي فرضناه . ( قوله : على نسبة ملكيهما إلخ ) وفي الروضة ، وإن اختلف النجوم في الجنس ، أو قدر الأجل أو العدد لو شرطا التساوي في النجوم مع التفاوت في الملك ، أو بالعكس ففي صحة كتابتهما القولان فيما إذا انفرد أحدهما بكتابة نصيبه بإذن الآخر . ا هـ . ( قوله : وقوم عليه الباقي إن كان موسرا إلخ ) قال الزركشي : وظاهر كلام المصنف أنه يقوم في الحال ليسري والأظهر أنه لا يسري في الحال بل عند العجز فإذا أدى نصيب الآخر عتق عن الكتابة ، وإن عجز وعاد إلى الرق ثبتت السراية حينئذ . ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : إن اتفقت النجوم ) هلا صح مع اختلاف النجوم أيضا وقسم كل نجم على نسبة الملكين فأي محذور فيما لو ملكاه بالسوية وكاتباه على نجمين أحدهما دينار في الشهر الأول والآخر درهم ، أو ثوب في الشهر الثاني مثلا فإن العوض مثلا [ ص: 399 ] معلوم وحصة كل واحد منه معلومة ثم ظهر أنه يحتمل أن المراد باتفاق النجوم جنسا أن لا يكون بالنسبة لأحدهما دنانير وللآخر دراهم لا أن لا تكون دنانير ودراهم بالنسبة لهما جميعا كما في المثال الذي فرضناه سم . ( قوله : وعددا ) كأنه احتراز عما لو جعلا حصة أحدهما في شهرين والآخر في ثلاثة سم وفيه أن المراد بالنجوم المؤدى لا الوقت المضروب كما نبه على ذلك المغني ولو سلم يغني عنه حينئذ قول الشارح وأجلا ويظهر أنه احتراز عما لو جعلا حصة أحدهما ذهبين كبيرين مثلا وحصة الآخر أربعة ذهبات صغار ( قول المتن : وقيل يجوز ) بالإذن قطعا مغني . ( قوله : أحد المكاتبين إلخ ) أي : معا مغني . ( قول المتن : أو أعتقه ) أي نجز عتقه ع ش . ( قوله : وقد عاد إلخ ) الواو حالية ع ش . ( قوله : فلا اعتراض إلخ ) عبارة المغني . ( تنبيه )

                                                                                                                              كلامه يفهم أن التقويم والسراية في الحال وهو قول والأظهر أنه لا يسري في الحال بل عند العجز فإذا أدى نصيب الآخر من النجوم عتق عنه والولاء بينهما ، وإن عجز وعاد إلى الرق فحينئذ يسري ويقوم ويكون كل الولاء له ، وإن كان معسرا فلا يقوم عليه ، وإن مات قبل التعجيز والأداء مات مبعضا وإن ادعى أنه وفاهما وصدقه أحدهما وحلف الآخر عتق نصيب المصدق ولم يسر وللمكذب مطالبة المكاتب بكل نصيبه أو بالنصف منه ويأخذ نصف ما في يد المصدق ، ولا يرجع به المصدق وترد شهادة المصدق على المكذب ، وإن ادعى دفع الجميع لأحدهما فقال له : بل أعطيت كلا منا نصيبه عتق نصيب المقر ولم تقبل شهادته على الآخر وصدق في أنه لم يقبض نصيب الآخر بحلفه ثم للآخر أن يأخذ حصته من المكاتب إن شاء ، أو يأخذ من المقر نصف ما أخذ ويأخذ النصف الآخر من المكاتب ، ولا يرجع المقر بما غرمه على المكاتب كما مر نظيره . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وذلك لما مر إلخ ) عبارة المغني أما في الإعتاق فلما مر في بابه ، وأما في الإبراء فلأنه لما أبرأه إلخ . ( قوله : أما إذا أعسر إلخ ) بقي ما لو أعسر المبرئ عن قيمة نصيب شريكه وقد عاد إلى الرق فهل يضر ذلك في الحصة التي أبرأ مالكها من نجومها ، أو لا ؟ فيه نظر وظاهر عبارته الثاني حيث عبر بأو فإن التقدير معها أما إذا أعسر المبرئ وعاد إلى الرق أو أيسر ولم يعد إلى الرق إلخ وهو مشكل فيما لو أعسر المبرئ وعاد إلى الرق بأنه يتبين به أن الكتابة للبعض فتكون فاسدة وقد يجاب بأن العتق المنجز لا سبيل إلى رده فاغتفر لكونه دواما فأشبه ما لو أعتق أحد الشريكين حصته وهو معسر ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية