الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو حلف لا يأكل سويقا فسفه أوتناوله بأصبع ) مثلا ( حنث ) ؛ لأن ذلك يعد أكلا له ، وقضيته أن الابتلاع في نحو خبز وسكر بلا مضغ أكل وبه صرحا في مواضع ، وهو المعتمد لكنهما جريا في الطلاق على خلاف ونسب للأكثرين ومر ما فيه .

                                                                                                                              ( وإن جعله في ماء فشربه فلا ) حنث إلا إن خثر ؛ لأنه ليس بشرب ، ( أو ) حلف ( لا يشربه فبالعكس ) فيحنث في الثانية بقيدها لا الأولى ، ولو حلف لا يذوق حنث بإدراك طعمه ، وإن مجه ولم ينزل منه شيء إلى جوفه [ ص: 40 ] أو لا يتناول أو لا يطعم حنث حتى بالشرب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وقضيته أن الابتلاع في نحو خبز وسكر بلا مضغ أكل وبه صرحا في مواضع إلخ ) المعتمد أن البلع أكل في الأيمان لا في الطلاق م ر .

                                                                                                                              ( قوله : ولو حلف لا يذوق إلخ ) قال في التنبيه : وإن حلف لا يذوق شيئا فمضغه ولفظه فقد قيل يحنث وقيل لا يحنث ا هـ . قال ابن النقيب في شرحه بعد أن بين أن الأصح الحنث : ولو أكله أو شربه حنث وفيه وجه ، ولو أوجره لم يحنث ؛ لأن معناه لأجعلنه لي طعاما ، وقد جعله ا هـ فليراجع مسألة الإيجار ، فإن قوله : أوجره إن كان مبنيا للمفعول أشكل الحنث في الأطعمة لأنه مكره ولا حنث مع الإكراه أو للفاعل فيكون المراد أنه أوجر نفسه أي : صبه في حلق نفسه أشكل عدم الحنث في الحلف على أنه [ ص: 40 ] لا يذوق شيئا إلا أنه يفرض في إيجار لم يحصل فيه إدراك الطعم فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو حلف إلخ ) عبارة المغني والنهاية والأفعال المختلفة الأجناس كالأعيان لا يتناول بعضها بعضا والشرب ليس أكلا ولا عكسه فعلى هذا لو حلف إلخ . ( قول المتن بأصبع ) أي : مبلولة نهاية ومغني . ( قوله : وقضيته أن الابتلاع إلخ ) ، المعتمد أن البلع أكل في الأيمان لا في الطلاق م ر ا هـ سم . ( قوله ومر ما فيه ) عبارة المغني فعد ذلك تناقضا وأجاب شيخي عن ذلك بأن الطلاق مبني على اللغة فالبلع فيها لا يسمى أكلا ، والأيمان مبناها على العرف والبلع فيه يسمى أكلا والجمع أولى من تضعيف أحد الموضعين ا هـ . ( قوله : إلا إن خثر إلخ ) عبارة المغني : وإن جعله أي : السويق في ماء أي : مائع غيره حتى انماع فشربه فلا لعدم الأكل ، فإن كان خاثرا بحيث يؤخذ منه باليد حنث ا هـ . ( قوله : بقيدها ) وهو أن لا يكون خاثرا ( قوله : ولو حلف لا يذوق إلخ ) عبارة المغني فروع ولو حلف لا يأكل سويقا [ ص: 40 ] ولا يشربه فذاقه لم يحنث ؛ لأنه لم يأكل ولم يشرب وإن حلف لا يذوق شيئا فمضغه ولفظه حنث ؛ لأن الذوق معرفة الطعم ، وقد حصل ولو حلف لا يأكل ولا يشرب ولا يذوق فأوجر في حلقه وبلغ جوفه لم يحنث ؛ لأنه لم يأكل ولم يشرب ولم يذق أو لا يطعم حنث بالإيجار من نفسه أو من غيره باختياره ؛ لأنه معناه لا جعلته لي طعاما ، وقد جعله طعاما ا هـ . ( قوله : أو لا يتناول إلخ ) ومثله ما لو قال : لا أتناول طعاما بخلاف لا آكل طعاما فإنه لا يحنث بالشرب ؛ إذ لا يسمى أكلا كما يأتي ثم ما ذكر قضيته أنه لا يشترط في الطعام أن يسماه في عرف الحالف فيحنث بنحو الخبز والجبن مما لا يسمى في العرف طعاما وقياس جعل الأيمان مبنية على العرف عدم الحنث بما ذكر ؛ لأن الطعام عندهم مخصوص بالمطبوخ . ( فائدة )

                                                                                                                              وقع السؤال عن شخص حلف بالطلاق أنه لا يأكل لبنا ثم قال : أردت باللبن ما يشمل السمن والجبن ونحوهما هل يحنث بكل ذلك أم لا ؟ يحنث بغير اللبن لعدم شموله لنحو السمن ، والجواب عنه بأن الظاهر الحنث ؛ لأن السمن والجبن ونحوهما تتخذ من اللبن فهو أصل لها فلا يبعد إطلاق اسم اللبن على ذلك كله مجازا فحيث أراده حنث به ا هـ . ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية