الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( و ) يلزمه ( تعريفه ) أي : الجميع من حيوان وغيره وسواء أراد تملكا أو حفظا لربه . لأنه صلى الله عليه وسلم { أمر به زيد بن خالد وأبي بن كعب و لم يفرق } ، ولأن حفظها لربها إنما يفيد بإيصالها إليه وطريقة التعريف ( فورا ) لأنه مقتضى الأمر . ولأن صاحبها يطلبها عقب ضياعها ( نهارا ) ; لأنه مجمع الناس وملتقاهم [ ص: 381 ] ( أول كل يوم ) قبل اشتغال الناس بمعاشهم ( أسبوعا ) أي : سبعة أيام . لأن الطلب فيها أكثر ( ثم ) يعرفها ( عادة ) أي : كعادة الناس في ذلك . وقيل يعرفها في كل يوم أسبوعا في كل أسبوع مرة شهرا ثم في كل شهر مرة واختاره جماعة ( حولا من التقاطه ) روي عن عمر وعلي وابن عباس . لحديث زيد بن خالد . فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بعام واحد ولأن السنة لا تتأخر عنها القوافل ويمضي فيها الزمان الذي تقصد فيه البلاد من الحر والبرد والاعتدال كمدة العنين ( بأن ينادي : من ضاع منه شيء أو نفقة ) ولا يصفها لأنه لا يؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفاتها فتضيع على مالكها فإن وصفها فأخذها غير ربها ضمنها ملتقط كوديع دل لصا على وديعة ( في الأسواق ) عند اجتماع الناس ، ( وأبواب المساجد ) أوقات الصلوات . ; لأن المقصود إشاعة ذكرها ، ويكثر منه في موضع وجدانها ، والوقت الذي يلي التقاطها . وإن كان في صحراء عرفها في أقرب البلاد إليها ( وكره ) تعريفها ( داخلها ) أي المساجد . لحديث أبي هريرة مرفوعا { من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل : لا ردها الله إليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا } ولملتقط تعريفها بنفسه وله أن يستنيب فيه متبرعا أو بأجرة ( ، وأجرة مناد على ملتقط ) نصا . لأنه سبب في العمل ، والتعريف واجب على الملتقط فأجرته عليه ( وينتفع بمباح من كلاب ولا تعرف ) وظاهره : جواز التقاطها . وهو قول القاضي وغيره .

                                                                          قال الحارثي : وهو أصح لأنه لا نص في المنع . وليس في معنى الممنوع ، وفي أخذه حفظ على مستحقه . أشبه الأثمان وأولى من جهة أنه ليس مالا فهو أخف . وأدخله الموفق فيما يمتنع التقاطه اعتبارا بمنعته بنابه وهو مقتضى كلام المصنف فيما سبق ( وإن أخره ) أي : التعريف فيه ( الحول ) كله ( أو ) أخره ( بعضه لغير عذر أثم ) لتركه الواجب ( ولم يملكها ) أي : اللقطة ( به ) أي : التعريف ( بعد ) الحول ; لأن شرط الملك التعريف فيه ولم يوجد وربها بعده يسلوها ويترك طلبها فلا فائدة فيه غالبا . ولذلك يسقط التعريف فيه لتأخيره عن الحول الأول نصا ، وإن تركه بعض الحول عرف في بقيته فقط . فإن كان التأخير لعذر كمرض وحبس ملكها بتعريفها حولا بعد زوال العذر . هذا مفهوم كلامه تبعا للتنقيح وهو أحد وجهين . والثاني لا يملكها لانتفاء سببه وهو التعريف في الحول سواء أهمله لعذره أو غيره . قال في الإنصاف : قدمه في الرعايتين والحاوي والصغير وشرح ابن رزين ( كالتقاطه بنية تملك ) [ ص: 382 ] بلا تعريف ( ولم يرد ) به ( تعريفا ) ولا تملكا للقطة فلا يملكها ولو عرفها . لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه . أشبه الغاصب ( وليس خوفه ) أي الملتقط ( بأن يأخذها ) أي : اللقطة ( سلطان جائر أو ) خوف ملتقط أن ( يطالبه ) سلطان جائر ( بأكثر ) مما وجد ( عذرا ) له ( في ترك تعريفها حتى يملكها ) أي : اللقطة ( بدونه ) أي : بلا تعريف . هذا معنى كلامه في الفروع . قال : ولهذا جزم بأنه يملكها بتعريفه بعد . وقد ذكروا أن خوفه على نفسه أو ماله عذر في ترك الواجب . وقال أبو الوفاء : تبقى بيده . فإذا وجد أمنا عرفها حولا انتهى . قال في شرحه : فيؤخذ من هذا ما يرجح أن تأخير التعريف للعذر لا يؤثر ( ومن عرفها ) أي : اللقطة حولا ( فلم تعرف ) فيه وهي ما يجوز التقاطه ( دخلت في ملكه ) لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد { فإن لم تعرف فاستنفقها } وفي لفظ " وإلا فهي كسبيل مالك " وفي لفظ " ثم كلها " .

                                                                          وفي لفظ " فانتفع بها " وفي لفظ " " فشأنك بها " وفي حديث أبي بن كعب " فاستنفقها " وفي لفظ " فاستمتع بها " هو حديث صحيح ( حكما ) كالميراث نصا . فلا يقف على اختياره لحديث { وإلا فهي كسبيل مالك } وقوله " فاستنفقها " ولو وقف ملكها على تملكها لبينة له لأنه لا يجوز له التصرف قبله ولأن الالتقاط والتعريف سبب للملك . فإذا تما وجب بثبوته حكما كالإحياء والاصطياد ( ولو ) كانت اللقطة ( عرضا ) فتملك بالتعريف قهرا كالأثمان ، لعموم الأحاديث . وإن روي في الأثمان نص خاص فقد روي خبر عام فيعمل بهما ، بل في العروض نص خاص أيضا ، ثم لا مانع من قياس العروض على الأثمان ( أو ) كانت اللقطة ( لقطة الحرم ) فتملك بالتعريف كلقطة الحل .

                                                                          وروي عن ابن عمر وابن عباس وعائشة لعموم الأحاديث وكحرم المدينة ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة ، وحديث { لا تحل ساقطتها إلا لمنشد } يحتمل أن يراد به إلا لمن عرفها عاما وتخصيصها بذلك لتأكدها كحديث { ضالة المسلم حرق النار } ( أو لم يختر ) الملتقط تملكها هو معنى قوله : دخلت في ملكه حكما وتقدم ( أو أخره ) أي التعريف ( لعذر ) ثم عرفها فيملكها وتقدم ما فيه

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية