ذكر عدة حوادث
في هذه السنة في المحرم ولديه الراضي بالله أبا جعفر وأبا الفضل ناحيتي المشرق والمغرب مما بيده ، وكتب بذلك إلى البلاد . قلد
وفيها في ليلة الثاني عشر من ذي القعدة ، وهي الليلة التي أوقع القرمطي بالحجاج ، انقضت الكواكب من أول الليل إلى آخره انقضاضا دائما مسرفا جدا لم يعهد مثله .
[ ص: 44 ] وفيها مات أبو بكر محمد بن ياقوت في الحبس بنفث الدم ، فأحضر القاضي والشهود ( وعرض عليهم ) ، فلم يروا به أثر ضرب ولا خنق ، وجذبوا شعره فلم يكن مسموما ، فسلم إلى أهله ، وأخذوا ماله وأملاكه ومعامليه ووكلاءه وكل من يخالطه .
وفيها كان بخراسان غلاء شديد ، ومات من أهلها خلق كثير من الجوع ، فعجز الناس عن دفنهم ، فكانوا يجمعون الغرباء والفقراء في دار إلى أن يتهيأ لهم تكفينهم ودفنهم .
وفيها جهز أخاه عماد الدولة بن بويه ركن الدولة الحسن إلى بلاد الجبل ، وسير معه العساكر بعد عوده لما قتل ، فسار إلى مرداويج أصبهان ، فاستولى عليها ، وأنزل عنها وعن عدة من بلاد الجبل نواب وشمكير ، وأقبل وشمكير وجهز العساكر نحوه ، وبقي هو وشمكير يتنازعان تلك البلاد ، وهي أصبهان وهمذان ، وقم ، وقاجان ، وكرج ، والري ، وكنكور ، وقزوين وغيرها .
وفيها في آخر جمادى الآخرة ، شغب الجند ببغداذ ، وقصدوا دار الوزير وابنه ، وزاد شغبهم ، فمنعهم أصحاب أبي علي بن مقلة ابن مقلة ، فاحتال الجند ونقبوا دار الوزير من ظهرها ودخلوها ، وملكوها وهرب الوزير وابنه إلى الجانب الغربي ، فلما سمع الساجية بذلك ، ركبوا إلى دار الوزير ، ورفقوا بالجند فردوهم ، وعاد الوزير وابنه إلى منازلهما .
واتهم الوزير بإثارة هذه الفتنة بعض أصحاب ابن ياقوت ، فأمر فنودي أن لا يقيم أحد منهم بمدينة السلام ، ثم عاود الجند الشغب حادي عشر ذي الحجة ، ونقبوا دار الوزير عدة نقوب ، فقاتلهم غلمانه ومنعوهم ، فركب صاحب الشرطة ، وحفظ السجون حتى لا تفتح ، ثم سكنوا من الشغب .
( وفي هذه السنة أطلق المظفر بن ياقوت من حبس بشفاعة الوزير الراضي بالله ابن مقلة ، وحلف للوزير أنه يواليه ولا ينحرف عنه ، ولا يسعى له ولا لولده بمكروه ، فلم يف له ( ولا لولده ) ووافق الحجرية عليه ، فجرى في حقه ما يكره .
[ ص: 45 ] وكان المظفر حقد على الوزير حين قتل أخوه لأنه اتهمه أنه سمه ) .
( وفيها أرسل ابن مقلة رسولا إلى محمد بن رائق بواسط ، وكان قد قطع الحمل عن الخليفة ، فطالبه بارتفاع البلاد ، واسط والبصرة وما بينهما ، فأحسن إلى الرسل وردهم برسالة ظاهرة إلى ابن مقلة مغالطة ، وأخرى باطنة إلى الخليفة وحده ، مضمونها أنه إن استدعي إلى الحضرة وفوضت إليه الأمور وتدبير الدولة ، قام بكل ما يحتاج إليه من نفقات الخليفة وأرزاق الجند ، فلما سمع الخليفة الرسالة ، لم يعد إليه جوابها . الراضي بالله