ذكر عضد الدولة عمان ملك
في هذه السنة استولى الوزير أبو القاسم المطهر بن محمد وزير عضد الدولة على جبال عمان ، ومن بها من الشراة ، في ربيع الأول .
وسبب ذلك أن معز الدولة لما توفي ، وبعمان أبو الفرج بن العباس ، نائب معز الدولة ، فارقها ، فتولى أمرها عمر بن نهبان الطائي ، وأقام الدعوة لعضد الدولة ، ثم إن الزنج غلبت على البلد ، ومعهم طوائف من الجند ، وقتلوا ابن نهبان ، وأمروا عليهم إنسانا يعرف بابن حلاج ، فسير عضد الدولة جيشا من كرمان ، واستعمل عليهم أبا حرب طغان ، فساروا في البحر إلى عمان ، فخرج أبو حرب من المركب إلى البر وسارت المراكب في البحر من ذلك المكان ، فتوافوا على صحار قصبة عمان فخرج إليهم الجند والزنج واقتتلوا قتالا شديدا في البر والبحر ، فظفر أبو حرب ، واستولى على صحار ، وانهزم أهلها ، وكان ذلك سنة اثنتين وستين [ وثلاثمائة ] .
[ ص: 325 ] ثم إن الزنج اجتمعوا إلى بريم ، وهو رستاق بينه وبين صحار مرحلتان ، فسار إليهم أبو حرب ، فأوقع بهم وقعة أتت عليهم قتلا وأسرا ، فاطمأنت البلاد .
ثم إن جبال عمان اجتمع بها كثير من الشراة ، وجعلوا لهم أميرا اسمه ورد بن زياد ، وجعلوا لهم خليفة اسمه حفص بن راشد ، فاشتدت شوكتهم ، فسير عضد الدولة المطهر بن عبد الله في البحر أيضا ، فبلغ إلى نواحي حرفان من أعمال عمان ، فأوقع بأهلها ، وأثخن فيهم ، وأسر ، ثم سار إلى دما وهي على أربعة أيام من صحار ، فقاتل من بها ، وأوقع بهم وقعة عظيمة فيها وأسر كثيرا من رؤسائهم ، وانهزم أميرهم ورد ، وإمامهم حفص ، واتبعهم المطهر إلى نزوى وهي قصبة تلك الجبال ، فانهزموا منه ، فسير إليهم العساكر ، فأوقعوا بهم وقعة أتت على باقيهم ، وقتل ورد ، وانهزم حفص إلى اليمن ، فصار معلما ، وسار المطهر إلى مكان يعرف بالشرف به جمع كثير من العرب ، نحو عشرة آلاف ، فأوقع بهم ، واستقامت البلاد ، ودانت بالطاعة ، ولم يبق فيها مخالف .