( 3776 ) مسألة ; قال : وجملته أن الوكالة عقد جائز من الطرفين ، فللموكل عزل وكيله متى شاء ، وللوكيل عزل نفسه ; لأنه إذن في التصرف ، فكان لكل واحد منهما إبطاله ، كما لو أذن في أكل طعامه . وتبطل أيضا بموت أحدهما ، أيهما كان ، وجنونه المطبق . ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم . ( وما فعل الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فباطل ) .
فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل ، أو موته ، فهو باطل إذا علم ذلك . فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ، ولا موت الموكل ، فعن فيه روايتان . أحمد فيه قولان . وظاهر كلام وللشافعي هذا أنه ينعزل ، علم أو لم يعلم . ومتى تصرف ، فبان أن تصرفه بعد عزله أو موت موكله ، فتصرفه باطل ; لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه ، فلا يفتقر إلى علمه ، كالطلاق والعتاق . والرواية الثانية عن الخرقي ، لا ينعزل قبل علمه بموت الموكل وعزله . أحمد
نص عليه في رواية جعفر بن محمد ، لأنه لو انعزل قبل علمه ، كان فيه ضرر ; لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة ، وربما باع الجارية فيطؤها المشتري ، أو الطعام فيأكله ، أو غير ذلك ، فيتصرف فيه المشتري ، ويجب ضمانه ، ويتضرر المشتري والوكيل . ولأنه يتصرف بأمر الموكل ، ولا يثبت حكم الرجوع في حق المأمور قبل علمه ، كالفسخ . فعلى هذه الرواية ، متى تصرف قبل العلم ، نفذ تصرفه .
وعن أنه إن عزله الموكل ، فلا ينعزل قبل علمه ; لما ذكرنا . وإن عزل الوكيل نفسه ، لم ينعزل إلا بحضرة الموكل ; لأنه متصرف بأمر الموكل ، فلا يصح رد أمره بغير حضرته ، كالمودع في رد الوديعة . ولنا ، ما تقدم . فأما الفسخ ففيه وجهان ، كالروايتين . ثم هما مفترقان ; فإن أمر الشارع يتضمن المعصية بتركه ، ولا يكون عاصيا من غير علمه ، وهذا يتضمن العزل عنه إبطال التصرف ، فلا يمنع منه عدم العلم . أبي حنيفة