الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4024 ) فصل : إذا أظهر المشتري أن الثمن أكثر مما وقع العقد به ، فترك الشفيع الشفعة ، لم تسقط الشفعة بذلك . وبهذا قال الشافعي ، وأصحاب الرأي ، ومالك ، إلا أنه قال بعد أن يحلف : ما سلمت الشفعة إلا لمكان الثمن الكثير . وقال ابن أبي ليلى : لا شفعة له ; لأنه سلم ورضي .

                                                                                                                                            ولنا أنه تركها للعذر ، فإنه لا يرضاه بالثمن الكثير ، ويرضاه بالقليل ، وقد لا يكون معه الكثير ، فلم تسقط بذلك ، كما لو تركها لعدم العلم . وكذلك إن أظهر أن المبيع سهام قليلة ، فبانت كثيرة ، أو أظهر أنهما تبايعا بدنانير ، فبان أنها دراهم ، أو بدراهم فبانت دنانير . وبهذا قال الشافعي ، وزفر . وقال أبو حنيفة ، وصاحباه : إن كانت قيمتهما سواء ، سقطت الشفعة ; لأنهما كالجنس الواحد . ولنا ، أنهما جنسان ، فأشبها الثياب والحيوان ، ولأنه قد يملك بالنقد الذي وقع به البيع دون ما أظهره ، فيتركه لعدم ملكه له .

                                                                                                                                            وكذلك إن أظهر أنه اشتراه بنقد ، فبان أنه اشتراه بعرض ، أو بعرض فبان أنه بنقد ، أو بنوع من العرض فبان أنه بغيره ، أو اشتراه مشتر فبان أنه اشتراه لغيره ، أو أظهر أنه اشتراه لغيره فبان أنه اشتراه له ، أو أنه اشتراه لإنسان فبان أنه اشتراه لغيره ; لأنه قد يرضى شركة إنسان دون غيره ، وقد يحابي إنسانا أو يخافه ، فيترك لذلك . وكذلك إن أظهر أنه اشترى الكل بثمن فبان أنه اشترى نصفه بنصفه ، أو أنه اشترى نصفه بثمن فبان أنه اشترى جميعه بضعفه ، أو أنه اشترى الشقص وحده فبان أنه اشتراه هو أو غيره ، أو أنه اشتراه هو وغيره فبان أنه اشتراه وحده ، لم تسقط الشفعة في جميع ذلك .

                                                                                                                                            لأنه قد يكون له غرض فيما أبطنه دون ما أظهره ، فيترك [ ص: 189 ] لذلك ، فلم تسقط شفعته كما لو أظهر أنه اشتراه بثمن فبان أقل منه .

                                                                                                                                            فأما إن أظهر أنه اشتراه بثمن فبان أنه اشتراه بأكثر ، أو أنه اشترى الكل بثمن فبان أنه اشترى به بعضه ، سقطت شفعته ; لأن الضرر فيما أبطنه أكثر ، فإذا لم يرض به بالثمن القليل مع قلة ضرره ، فبالكثير أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية