الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3651 ) فصل : وإن قال : خذه مضاربة ، ولك جزء من الربح ، أو شركة في الربح ، أو شيء من الربح ، أو نصيب أو حظ . لم يصح ; لأنه مجهول ، ولا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم . وإن قال : خذه ، ولك مثل ما [ ص: 21 ] شرط لفلان . وهما يعلمان ذلك .

                                                                                                                                            صح ; لأنهما أشارا إلى معلوم عندهما . وإن كانا لا يعلمانه ، أو لا يعلمه أحدهما ، فسدت المضاربة ; لأنه مجهول .

                                                                                                                                            ( 3652 ) فصل : وإن قال : خذ هذا المال فاتجر به . وربحه كله لك . كان قرضا لا قراضا ; لأن قوله : خذه فاتجر به . يصلح لهما ، وقد قرن به حكم القرض ، فانصرف إليه .

                                                                                                                                            وإن قال مع ذلك : ولا ضمان عليك . فهذا قرض شرط فيه نفي الضمان ، فلا ينتفي بشرطه ، كما لو صرح به ، فقال : خذ هذا قرضا ولا ضمان عليك . وإن قال : خذه فاتجر به ، والربح كله لي . كان إبضاعا ; لأنه قرن به حكم الإبضاع فانصرف إليه . فإن قال مع ذلك : وعليك ضمانه . لم يضمنه ; لأن العقد يقتضي كونه أمانة غير مضمونة ، فلا يزول ذلك بشرطه . وإن قال : خذه مضاربة ، والربح كله لك ، أو كله لي . فهو عقد فاسد .

                                                                                                                                            وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : إذا قال : والربح كله لي كان إبضاعا صحيحا ; لأنه أثبت له حكم الإبضاع فانصرف إليه ، كالتي قبلها . وقال مالك : يكون مضاربة صحيحة في الصورتين ; لأنهما دخلا في القراض ، فإذا شرط لأحدهما ، فكأنه وهب الآخر نصيبه ، فلم يمنع صحة العقد . ولنا ، أن المضاربة تقتضي كون الربح بينهما ، فإذا شرط اختصاص أحدهما . بالربح ، فقد شرط ما ينافي مقتضى العقد ، ففسد ، كما لو شرط الربح كله في شركة العنان لأحدهما .

                                                                                                                                            ويفارق ما إذا لم يقل مضاربة ; لأن اللفظ يصلح لما أثبت حكمه من الإبضاع والقراض ، بخلاف ما إذا صرح بالمضاربة . وما ذكره مالك لا يصح ; لأن الهبة لا تصح قبل وجود الموهوب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية