الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3618 ) فصل والربح ، في شركة الأبدان على ما اتفقوا عليه ، من مساواة أو تفاضل ; لأن العمل يستحق به الربح ، ويجوز تفاضلهما في العمل ، فجاز تفاضلهما في الربح الحاصل به ، ولكل واحد منهما المطالبة بالأجرة ، وللمستأجر دفعها إلى كل واحد منهما ، وإلى أيهما دفعها برئ منها . وإن تلفت في يد أحدهما من غير تفريط ، فهي من ضمانهما معا ; لأنهما كالوكلين في المطالبة ، وما يتقبله كل واحد منهما من الأعمال فهو من ضمانهما ، يطالب به كل واحد منهما ، ويلزمه عمله ; لأن هذه الشركة لا تنعقد إلا على الضمان ، ولا شيء فيها تنعقد عليه الشركة حال الضمان ، فكأن الشركة تضمنت ضمان كل واحد منهما عن الآخر ما يلزمه .

                                                                                                                                            وقال القاضي : يحتمل أن لا يلزم أحدهما ما لزم الآخر ; لما ذكرنا من قبل . وما يتلف بتعدي أحدهما أو تفريطه أو تحت يده ، على وجه يوجب الضمان عليه ، فذلك عليه وحده . وإن أقر أحدهما بما في يده ، قبل عليه وعلى شريكه ; لأن اليد له ، فيقبل إقراره بما فيها ، ولا يقبل إقراره بما في يد شريكه ، ولا بدين عليه ; لأنه لا يد له على ذلك [ ص: 6 ]

                                                                                                                                            ( 3619 ) فصل : وإن عمل أحدهما دون صاحبه ، فالكسب بينهما . قال ابن عقيل : نص عليه أحمد ، في رواية إسحاق بن هانئ . وقد سئل عن الرجلين يشتركان في عمل الأبدان ، فيأتي أحدهما بشيء ، ولا يأتي الآخر بشيء ؟ قال : نعم ، هذا بمنزلة حديث سعد وابن مسعود . يعني حيث اشتركوا فجاء سعد بأسيرين وأخفق الآخران .

                                                                                                                                            ولأن العمل مضمون عليهما معا ، وبضمانهما له وجبت الأجرة ، فيكون لهما كما كان الضمان عليهما ، ويكون العامل عونا لصاحبه في حصته . ولا يمنع ذلك استحقاقه ، كمن استأجر رجلا ليقصر له ثوبا ، فاستعان القصار بإنسان . فقصر معه ، كانت الأجرة للقصار المستأجر . كذا هاهنا .

                                                                                                                                            وسواء ترك العمل لمرض أو غيره ، فإن طالب أحدهما الآخر أن يعمل معه أو يقيم مقامه من يعمل ، فله ذلك . فإن امتنع ، فللآخر الفسخ . ويحتمل أنه متى ترك العمل من غير عذر ، أن لا يشارك صاحبه في أجرة ما عمله دونه ; لأنه إنما شاركه ليعملا جميعا ، فإذا ترك أحدهما العمل ، فما وفى بما شرط على نفسه ، فلم يستحق ما جعل له في مقابلته . وإنما احتمل ذلك فيما إذا ترك أحدهما العمل لعذر ; لأنه لا يمكن التحرز منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية