الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4183 ) فصل : وإذا اكترى عينا ، فوجد بها عيبا لم يكن علم به ، فله فسخ العقد ، بغير خلاف [ ص: 265 ] نعلمه . قال ابن المنذر : إذا اكترى دابة بعينها ، فوجدها جموحا ، أو عضوضا ، أو نفورا ، أو بها عيب غير ذلك مما يفسد ركوبها ، فللمكتري الخيار ، إن شاء ردها وفسخ الإجارة ، وإن شاء أخذها . وهذا قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي ، ولأنه عيب في المعقود عليه ، فأثبت الخيار ، كالعيب في بيوع الأعيان . والعيب الذي يرد به ما تنقص به قيمة المنفعة كتعثر الظهر في المشي ، والعرج الذي يتأخر به عن القافلة ، وربض البهيمة بالحمل ، وكونها جموحة أو عضوضة ، وأشباه ذلك

                                                                                                                                            وفي المكترى للخدمة ; ضعف البصر ، والجنون ، والجذام ، والبرص ، وفي الدار انهدام الحائط ، والخوف من سقوطها ، وانقطاع الماء من بئرها ، أو تغيره بحيث يمتنع الشرب والوضوء ، وأشباه ذلك من النقائص ، ومتى حدث شيء من هذه العيوب بعد العقد ، ثبت للمكتري خيار الفسخ ; لأن المنافع لا يحصل قبضها إلا شيئا فشيئا ، فإذا حدث العيب ، فقد وجد قبل قبض الباقي من المعقود عليه ، فأثبت الفسخ فيما بقي منها ، ومتى فسخ ، فالحكم فيه كما لو انفسخ العقد بتلف العين . وإن رضي المقام ولم يفسخ ، لزمه جميع العوض ; لأنه رضي به ناقصا ، فأشبه ما لو رضي بالمبيع معيبا . وإن اختلفا في الموجود ، هل هو عيب أو لا رجع فيه إلى أهل الخبرة ، فإن قالوا : ليس بعيب

                                                                                                                                            مثل أن تكون الدابة خشنة المشي ، أو أنها تتعب راكبها لكونها لا تركب كثيرا ، فليس له فسخ . وإن قالوا : هو عيب . فله الفسخ . هذا إذا كان العقد يتعلق بعينها ، فأما إن كانت موصوفة في الذمة ، لم ينفسخ العقد ، وعلى المكري إبدالها ; لأن العقد لم يتعلق بعينها ، أشبه المسلم فيه إذا سلمه على غير صفته . فإن عجز عن إبدالها ، أو امتنع منه ، ولم يمكن إجباره عليه ، فللمكتري الفسخ أيضا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية