الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4271 ) فصل : ويجوز اكتراء الإبل والدواب للحمولة ، قال الله تعالى : { وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس } . والحمولة بالضم : الأحمال . والحمولة بالفتح : التي يحمل عليها . قال الله تعالى : { ومن الأنعام حمولة وفرشا } الحمولة : الكبار . والفرش : الصغار . وقيل الحمولة : الإبل . والفرش : الغنم ; لأنها لا تحمل ،

                                                                                                                                            ولا يحتاج إلى معرفة الحمولة ; لأن الغرض حمل المتاع ، دون ما يحمله ، بخلاف الركوب ، فإن للراكب غرضا في المركوب ، من سهولته وحاله وسرعته . وإن اتفق وجود غرض في الحمولة ، مثل أن يكون المحمول شيئا يضره كثرة الحركة ، كالفاكهة والزجاج ، أو كون الطريق مما يعسر على بعضها دون بعض ، فينبغي أن يذكر في الإجارة . وأما الأحمال ، فلا بد من معرفتها ، فإن لم يعرفها ، لم يجز ; لأن ذلك يتفاوت كثيرا ، ويختلف الغرض به

                                                                                                                                            فإن شرط أن تحمل ما شاء ، بطل ; لأن ذلك لا يمكن الوفاء به ، ويدخل فيه ما يقتل البهيمة . وإن قال : احتمل عليها طاقتها . لم يجز أيضا ; لأن ذلك لا ضابط له . وتحصل المعرفة بطريقين : المشاهدة ; لأنها من أعلى طرق العلم ، والصفة . ويشترط في الصفة معرفة شيئين : القدر والجنس ; لأن الجنس يختلف تعب البهيمة باختلافه ، مع التساوي في القدر ، فإن القطن يضر بها من وجه ، وهو أنه ينتفخ [ ص: 303 ] على البهيمة .

                                                                                                                                            فيدخل فيه الريح فيثقل ، ومثله من الحديد يؤذي من جهة أخرى ، وهو أنه يجتمع على موضع من البهيمة ، فربما عقرها ، فلا بد من بيانه . وأما الظروف ، فإن دخلت في الوزن ، لم يحتج إلى ذكرها ، وإن لم توزن ، فإن كانت ظروفا معروفة ، لا تختلف ، كغرائر الصوف والشعر ونحوها ، جاز العقد عليها من غير تعيين ; لأنها قلما تتفاوت تفاوتا كثيرا فتسميتها تكفي ، وإن كانت تختلف ، فلا بد من معرفتها بالتعيين أو الصفة . وذكر ابن عقيل ، أنه إذا قال : أكريتكها لتحمل عليها ثلاثمائة رطل مما شئت

                                                                                                                                            جاز ، وملك ذلك ، لكن لا يحمله حملا يضر بالحيوان ، مثل ما لو أراد حمل حديد أو زئبق ، ينبغي أن يفرقه على ظهر الحيوان ، فلا يجتمع في موضع واحد من ظهره ، ولا يجعله في وعاء يتموج فيه ، فيكد البهيمة ويتعبها . وإن اكترى ظهرا للحمل موصوفا بجنس ، فأراد حمله على غير ذلك الجنس ، وكان الطالب لذلك المستأجر ، لم يقبل منه ; لأنه لا يملك المطالبة بما لم يعقد عليه ، وإن طلبه المؤجر ، وكان يفوت به غرض للمستأجر ، مثل أن يكون غرضه الاستعجال في السير ، أو أن لا ينقطع عن القافلة ، فيتعين الخيل أو البغال ، أو يكون غرضه سكون الحمولة لكون الحمولة مما يضرها الهز ، أو قوتها وصبرها لطول الطريق وثقل الحمولة فيعين الإبل ، لم يجز العدول عنه ; لأنه يفوت غرض المستأجر ، فلم يجز ذلك ، كما في المركوب

                                                                                                                                            وإن لم يفوت غرضا ، جاز ، كما يجوز لمن اكترى على حمل شيء حمل مثله ، أو أقل ضررا منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية