الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (7) قوله: حسوما : فيه أوجه، أحدها: أن ينتصب نعتا لما قبلها. والثاني: أن ينتصب على المصدر بفعل من لفظها، أي: تحسمهم حسوما. الثالث: أن ينتصب على الحال، أي: ذات حسوم. الرابع: أن يكون مفعولا له، ويتضح ذلك بقول الزمخشري: الحسوم: لا يخلو من أن يكون جمع حاسم كشاهد وشهود، أو مصدرا كالشكور والكفور. فإن كانت جمعا فمعنى قوله "حسوما": نحسات حسمت كل خير، واستأصلت كل بركة، أو متتابعة هبوب الريح، ما خفتت ساعة، تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء كرة بعد أخرى حتى ينحسم. وإن كان مصدرا: فإما أن ينتصب بفعله مضمرا، أي: تحسم حسوما، بمعنى: تستأصل استئصالا، أو يكون صفة كقولك: ذات حسوم، أو يكون مفعولا له، أي: سخرها عليهم للاستئصال. وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي: [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                                                                                      4316- ففرق بين بينهم زمان تتابع فيه أعوام حسوم



                                                                                                                                                                                                                                      انتهى. قال المبرد : الحسوم: الفصل حسمت الشيء من الشيء فصلته منه ومنه الحسام. وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4317 - فأرسلت ريحا دبورا عقيما     فدارت عليهم فكانت حسوما



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الليث: هي الشؤم: يقال: هذه ليالي الحسوم، أي: تحسم الخير عن أهلها. وعندي أن هذين القولين يرجعان إلى القول الأول; لأن الفصل قطع، وكذلك الشؤم لأنه يقطع الخير. والجملة من قوله "سخرها" يجوز أن تكون صفة لـ "ريح"، وأن تكون حالا منها لتخصصها بالصفة، أو من الضمير في "عاتية"، وأن تكون مستأنفة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فيها صرعى صرعى حال، جمع صريع نحو: قتيل وقتلى، وجريح وجرحى، والضمير في "فيها" للأيام والليالي، أو للبيوت، أو للريح، أظهرها الأول لقربه، ولأنه مذكور.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كأنهم أعجاز نخل حال من القوم، أو مستأنفة. وقرأ أبو نهيك "أعجز" على أفعل نحو: ضبع وأضبع. وقرئ "نخيل" حكاه الأخفش، وقد تقدم أن اسم الجنس يذكر ويؤنث، واختير هنا تأنيثه [ ص: 426 ] للفواصل، كما اختير تذكيره لها في سورة القمر كما تقدم التنبيه عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية