الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (17) قوله: على أرجائها : خبر المبتدأ. والضمير للسماء. وقيل: للأرض. قال الزمخشري : فإن قلت: ما الفرق بين قوله "والملك" وبين أن يقال: والملائكة؟ قلت: الملك أعم من الملائكة; ألا ترى أن قولك "ما من ملك إلا وهو شاهد" أعم من قولك: "ما من ملائكة". انتهى. قال الشيخ : ولا يظهر أن الملك أعم من الملائكة; لأن المفرد المحلى بالألف واللام [الجنسية] قصاراه أن يكون مرادا به الجمع المحلى [بهما] ولذلك صح الاستثناء منه، فقصاراه أن يكون كالجمع المحلى بهما، وأما دعواه أنه أعم منه بقوله: "ألا ترى إلى آخره" فليس دليلا على دعواه; لأن "من ملك" نكرة مفردة في سياق النفي قد دخلت عليها "من" المخلصة للاستغراق. فشملت كل ملك، فاندرج تحتها الجمع لوجود الفرد فيه، فانتفى كل فرد بخلاف "من ملائكة" فإن "من" دخلت على جمع منكر، فعم في كل جمع جمع من الملائكة، ولا يلزم من ذلك انتفاء كل فرد من الملائكة. لو قلت: [ ص: 430 ] "ما في الدار من رجال" جاز أن يكون فيها واحد; لأن النفي إنما انسحب على جمع، ولا يلزم من انتفاء الجمع أن ينتفي المفرد، والملك في الآية ليس في سياق نفي دخلت عليه "من" وإنما جيء به مفردا لأنه أخف، ولأن قوله "على أرجائها" يدل على الجمع; لأن الواحد بما هو واحد لا يمكن أن يكون "على أرجائها" في وقت واحد، بل في أوقات. والمراد - والله أعلم - أن الملائكة على أرجائها، لا أنه ملك واحد ينتقل على أرجائها في أوقات.

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: الزمخشري منزعه في هذا ما قدمته عنه في أواخر سورة البقرة عند قوله " وكتبه ورسله " فليراجع ثمة. وأما قول الشيخ: "ما [في الدار] من رجال، إن النفي منسحب على رتب الجمع"، ففيه خلاف للناس ونظر. والتحقيق ما ذكره. والضمير في "فوقهم" يجوز أن يعود على الملك; لأنه بمعنى الجمع كما تقدم، وأن يعود على الحاملين الثمانية. وقيل: يعود على جمع العالم، أي: أن الملائكة تحمل عرش الله تعالى فوق العالم كله.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ثمانية أبهم الله تعالى هذا العدد، فلم يذكر له تمييزا فقيل: تقديره ثمانية أشخاص. وقيل: ثمانية صنوف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية