الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (10) قوله: في الحافرة : الحافرة: الطريقة التي يرجع الإنسان فيها من حيث جاء. يقال: رجع في حافرته، وعلى حافرته. ثم يعبر بها عن الرجوع بالأحوال من آخر الأمر إلى أوله. قال:


                                                                                                                                                                                                                                      4482- أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وعار



                                                                                                                                                                                                                                      وأصله: أن الإنسان إذا رجع في طريقه أثرت قدماه فيها حفرا. وقال الراغب : وقوله في الحافرة مثل لمن يرد من حيث جاء، أي: [ ص: 671 ] أنحيا بعد أن نموت؟ وقيل: الحافرة: الأرض التي [جعلت] قبورهم فيها، ومعناه: أإنا لمردودون ونحن في الحافرة؟ أي: في القبور. وقوله: "في الحافرة" على هذا في موضع الحال. وقيل: رجع فلان على حافرته، ورجع الشيخ إلى حافرته، أي: هرم، كقوله: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر . وقولهم: "النقد عند الحافرة" لما يباع نقدا. وأصله في الفرس إذا بيع، فيقال: لا يزول حافره أو ينقد ثمنه. والحفر: تأكل الأسنان. وقد حفر فوه، وقد أحفر المهر للإثناء والإرباع، أي: دنا لأن يكون ثنيا أو رباعيا. انتهى. والحافرة قيل: فاعلة بمعنى مفعولة. وقيل: على النسب، أي: ذات حفر، والمراد: الأرض. والمعنى: إنا لمردودون في قبورنا أحياء. وقيل: الحافرة: جمع حافر بمعنى القدم، أي: نمشي أحياء على أقدامنا، ونطأ بها الأرض. وقيل: هي أول الأمر. وتقول التجار: "النقد في الحافرة"، أي: أول السوم. وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4483- آليت لا أنساكم فاعلموا     حتى ترد الناس في الحافره



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة "في الحفرة" بدون ألف. فقيل: هما بمعنى. وقيل: هي الأرض التي تغيرت وأنتنت بموتاها وأجسادهم، [ ص: 672 ] من قولهم: حفرت أسنانه، أي: تأكلت وتغيرت. وقد تقدم خلاف القراء في هذين الاستفهامين في سورة الرعد. وقوله: "في الحافرة" يجوز تعلقه بمردودون، أو بمحذوف على أنه حال كما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية