الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3896 ) فصل : وإذا كان له أمتان ، لكل واحدة منهما ولد ، فقال : أحد هذين ولدي من أمتي . نظرت ; فإن كان لكل واحدة منهما زوج يمكن إلحاق الولد به ، لم يصح إقراره ، وألحق الولدان بالزوجين .

                                                                                                                                            وإن كان لإحداهما زوج دون الأخرى ، انصرف الإقرار إلى ولد الأخرى ; لأنه الذي يمكن إلحاقه به ، وإن لم يكن لواحدة منهما زوج ، ولكن أقر السيد بوطئهما ، صارتا فراشا ، ولحق ولداهما به إذا أمكن أن يولدا بعد وطئه ، وإن أمكن في إحداهما دون الأخرى ، انصرف الإقرار إلى من أمكن ; لأنه ولده حكما . وإن لم يكن أقر بوطء واحدة منهما ، صح إقراره وثبتت حرية المقر به ; لأنه أقر بنسب صغير مجهول النسب مع الإمكان لا منازع له فيه ، فلحقه نسبه ، ثم يكلف البيان ، كما لو طلق إحدى نسائه ، فإذا بين قبل بيانه ; لأن المرجع في ذلك إليه ، ثم يطالب ببيان كيفية الولادة ، فإن قال : استولدتها في ملكي . فالولد حر الأصل ، لا ولاء عليه ، وأمه أم ولد .

                                                                                                                                            وإن قال : في نكاح . فعلى الولد الولاء ; لأنه مسه رق ، والأمة قن ; لأنها علقت بمملوك . وإن قال : بوطء شبهة . فالولد حر الأصل ، والأمة قن ; لأنها علقت به في غير ملك . وإن ادعت الأخرى أنها التي استولدها ; فالقول قوله مع يمينه ; لأن الأصل عدم الاستيلاد ، فأشبه ما لو ادعت ذلك من غير إقراره بشيء ، فإذا حلف رقت ورق ولدها ، وإذا مات ورثه ولده المقر به . وإن كانت أمة قد صارت أم ولد عتقت أيضا ، وإن لم تصر أم ولد عتقت على ولدها إن كان هو الوارث وحده ، وإن كان معه غيره عتق منها بقدر ما ملك .

                                                                                                                                            فإن مات قبل أن يبين ، قام وارثه مقامه في البيان ; لأنه يقوم مقامه في إلحاق النسب وغيره ، فإذا بين كان كما لو بين الموروث ، وإن لم يعلم الوارث كيفية الاستيلاد ، ففي الأمة وجهان ; أحدهما ، يكون رقيقا ; لأن الرق الأصل ، فلا يزول بالاحتمال . والثاني يعتق ; لأن الظاهر أنها ولدته في ملكه ; لأنه أقر بولدها وهي في ملكه .

                                                                                                                                            وهذا منصوص الشافعي . فإن لم يكن وارث ، أو كان وارث فلم يعين ، عرض على القافة ، فإن ألحقت به أحدهما ، ثبت نسبه ، وكان حكمه كما لو عين الوارث ، فإن لم تكن قافة ، أو كانت فلم تعرف ، أقرع بين الولدين ، فيعتق أحدهما بالقرعة ; لأن للقرعة مدخلا في إثبات الحرية . وقياس المذهب ثبوت نسبه وميراثه ، على ما ذكرنا في التي قبلها . وقال الشافعي : لا يثبت نسب ولا ميراث . واختلفوا في الميراث ، فقال المزني : يوقف نصيب ابن ; لأننا تيقنا ابنا وارثا . ولهم وجه آخر : لا يوقف شيء ; لأنه لا يرجى انكشافه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يعتق من كل واحد نصفه ، ويستسعى في باقيه ، ولا يرثان . وقال ابن أبي ليلى مثل ذلك ، إلا أنه يجعل الميراث بينهما نصفين ، ويدفعانه في سعايتهما . والكلام على قسمة الحرية والسعاية يأتي في العتق ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية