( 3939 ) فصل : وإن لزمه ذلك ; لأنه يضر بالأرض ، ولأن التراب ملكه ، نقله من موضعه ، فلزمه رده ، كتراب الأرض . وكذلك إن حفر فيها نهرا ، أو حفر بئرا في ملك رجل بغير إذنه . غصب أرضا ، فحفر فيها بئرا فطالبه المالك بطمها ،
وإن أراد الغاصب طمها ، فمنعه المالك ، نظرنا ; فإن كان له غرض في طمها ، بأن يسقط عنه ضمان ما يقع فيها ، أو يكون قد نقل ترابها إلى ملك نفسه ، أو ملك غيره ، أو طريق يحتاج إلى تفريغه ، فله الرد ; لما فيه من الغرض .
وبهذا قال وإن لم يكن له غرض في طم البئر ، مثل أن يكون قد وضع التراب في ملك المغصوب منه ، وأبرأه المغصوب منه مما حفر ، وأذن فيه ، لم يكن له طمها ، في أحد الوجهين ; لأنه إتلاف لا نفع فيه ، فلم يكن له فعله ، كما لو غصب نقرة ، فطبعها دراهم ، ثم أراد جعلها نقرة . وبهذا قال الشافعي أبو حنيفة وبعض الشافعية . والمزني
وقال بعضهم : له طمها . وهو الوجه الثاني لنا ; لأنه لا يبرأ من الضمان بإبراء المالك ، لأنه إبراء مما لم يجب بعد ، وهو أيضا إبراء من حق غيره وهو الواقع فيها . ولنا ، أن الضمان إنما لزمه لوجود التعدي ، فإذا رضي صاحب الأرض ، زال التعدي ، فزال الضمان ، وليس هذا إبراء مما لم يجب ، وإنما هو إسقاط التعدي برضائه به . وهكذا ينبغي أن يكون إذا لم يتلفظ بالإبراء ، ولكن منعه من طمها ; لأنه يتضمن رضاه بذلك .