الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4006 ) فصل : ولو حل زقا فيه مائع ، فاندفق ، ضمنه ، سواء خرج في الحال ، أو خرج قليلا قليلا ، أو خرج منه شيء بل أسفله فسقط ، أو ثقل أحد جانبيه فلم يزل يميل قليلا قليلا حتى سقط ، أو سقط بريح ، أو بزلزلة الأرض ، أو كان جامدا فذاب بشمس ; لأنه تلف بسبب فعله . وقال القاضي : لا يضمن إذا سقط بريح أو زلزلة ، ويضمن فيما سوى ذلك . وهو قول أصحاب الشافعي . ولهم فيما إذا ذاب بالشمس وجهان ، واحتجوا بأن فعله غير ملجئ ، والمعنى الحادث مباشرة ، فلم يتعلق الضمان بفعله . كما لو دفعه إنسان .

                                                                                                                                            ولنا ، أن فعله سبب تلفه ، ولم يتخلل بينهما ما يمكن إحالة الحكم عليه ، فوجب عليه الضمان ، كما لو خرج عقيب فعله ، أو مال قليلا قليلا ، وكما لو جرح إنسانا ، فأصابه الحر أو البرد ، فسرت الجناية فإنه يضمن .

                                                                                                                                            وأما إن دفعه إنسان ، فإن المتخلل بينهما مباشرة يمكن الإحالة عليها ، بخلاف مسألتنا . ولو كان جامدا ، فأدنى منه آخر نارا ، فأذابه فسال ، فالضمان على من أذابه ; لأن سببه أخص ، لكون التلف يعقبه ، فأشبه المنفر مع فاتح القفص . وقال بعض الشافعية : لا ضمان على واحد منهما ، كسارقين نقب أحدهما ، وأخرج الآخر المتاع . وهذا فاسد ; لأن مدني النار ألجأه إلى الخروج فضمنه ، كما لو كان واقفا فدفعه .

                                                                                                                                            والمسألة حجة عليه ; فإن الضمان على مخرج المتاع من الحرز ، والقطع حد لا يجب إلا بهتك الحرز وأخذ المال جميعا ، ثم إن الحد يدرأ بالشبهات ، بخلاف الضمان . ولو أذابه أحدهما أولا ، ثم فتح الثاني رأسه ، فاندفق ، فالضمان على الثاني ; لأن التلف تعقبه . وإن فتح زقا مستعلي الرأس ، فخرج بعض ما فيه ، واستمر خروجه قليلا قليلا ، فجاء آخر فنكسه ، فاندفق ، فضمان ما خرج بعد التنكيس على المنكس ، وما قبله على الفاتح ; لأن فعل الثاني أخص ، كالجارح والذابح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية