الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
594 - " إذا دخلتم بيتا؛ فسلموا على أهله؛ فإذا خرجتم؛ فأودعوا أهله بسلام " ؛ (هب)؛ عن قتادة ؛ مرسلا.

التالي السابق


(إذا دخلتم بيتا) ؛ أي: مكانا؛ يعني: إذا وصلتم إلى محل فيه مسلمون؛ فالتعبير بالدخول؛ وبالبيت؛ غالبي؛ وكذلك لفظ الجمع؛ (فسلموا على أهله) ؛ أي: سكانه؛ بذلا للأمان؛ وإقامة لشعار أهل الإيمان؛ وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يواظب على ذلك؛ (فإذا خرجتم منه) ؛ أي: أردتم الخروج؛ (فأودعوا أهله) ؛ أي: فارقوهم؛ واتركوهم؛ (بسلام) ؛ أي: سلموا عليهم عند مفارقتكم إياهم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة؛ قال الطيبي: قوله: " أودعوا" ؛ من " الإيداع" ؛ أي: اجعلوا السلام وديعة عندهم؛ كي ترجعوا إليهم وتستردوا وديعتكم؛ فإن الودائع تستعاد؛ وتفاؤلا للسلامة؛ والمعاودة؛ مدة بعد أخرى؛ وأنشد:


ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده



اللطف فيه أنه لم يفارق على مفارقة الحلم؛ لأن الودائع تستعاد؛ وتسمى الثانية " سلام توديع ومتاركة" ؛ يقال: " ودعته؛ أودعه؛ ودعا" ؛ تركته؛ وابتداء السلام على من لقيه؛ أو فارقه من المسلمين؛ ولو صبيا؛ سنة؛ ومن الجماعة سنة كفاية؛ ولا يترك خوفا من عدم الرد؛ كما اقتضاه إطلاق الحديث؛ وأفضل صيغه: " السلام عليكم" ؛ أو " سلام عليكم" ؛ بالتنوين؛ ولو على واحد.

(هب؛ عن قتادة ) ؛ ابن دعامة السدوسي؛ أي: الخطاب؛ البصري؛ (مرسلا) ؛ ثم قال مخرجه البيهقي : هكذا جاء مرسلا؛ انتهى؛ والبيهقي رواه عن أبي الحسين بن بشران؛ عن إسماعيل الصفار؛ عن أحمد بن منصور ؛ عن عبد الرزاق ؛ عن معمر ؛ عن قتادة ؛ وابن بشران وثق؛ والصفار قال في اللسان: ثقة؛ مشهور؛ وأخطأ ابن حزم حيث جهله؛ وابن منصور ثبت؛ وعبد الرزاق من الأعلام؛ فهو مرسل جيد الإسناد.



الخدمات العلمية