الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
249 - " احذروا صفر الوجوه؛ فإنه إن لم يكن من علة؛ أو سهر؛ فإنه من غل في قلوبهم للمسلمين " ؛ (فر)؛ عن ابن عباس ؛ (ض).

التالي السابق


(احذروا صفر) ؛ بضم؛ فسكون؛ (الوجوه) ؛ أي: الأناسي المصفرة وجوههم؛ أي: احذروا مخالطتهم؛ واجتنبوا عشرتهم؛ (فإنه) ؛ أي: ما بهم من الصفرة؛ (إن لم يكن) ؛ ناشئا (من علة) ؛ أي: مرض؛ قال في المصباح: " العلة" : المرض الشاغل؛ (أو سهر؛ فإنه) ؛ يكون (من غل) ؛ بكسر المعجمة؛ غش؛ وحقد؛ (في قلوبهم) ؛ زاده إيضاحا؛ إذ الغل ليس إلا في القلب؛ (للمسلمين) ؛ لأن ما أخفت الصدور يظهر على صفحات الوجوه؛ وذلك مدرك بنور الفراسة الإيمانية؛ ويظهر أن المراد به قوم مخصوصون من أهل زمنه؛ من أهل النفاق؛ أو اليهود؛ لا مطلقا؛ لقولهم: إن أشرف الألوان الأبيض المشرب بحمرة؛ أو صفرة؛ وإن المشرب بصفرة هو لون أهل الجنة؛ والعرب تتمدح به في الدنيا؛ كما في لامية امرئ القيس؛ وغيرها.

(فائدة) : قال العارف الخواص: " أرباب الأحوال يعرفون الصالحين بصفرة الوجوه؛ مع سواد البشرة؛ وسعة العيون؛ وخفض الأصوات؛ وأما الكمل فلا يعرفهم إلا من عرف الله" ؛ وفي إشعاره تحذير من إضمار السوء للمسلمين؛ خوف الفضيحة؛ والعذاب في العقبى.

(فر؛ عن ابن عباس ) ؛ وفيه زيد بن حبان؛ ذكر في اللسان عن ابن حبان أنه يخالف في حديثه؛ وأخرجه أيضا أبو نعيم في الطب؛ بسند واه؛ عن أنس ؛ وبه يعرف أن قول ابن حجر: " لم أقف له على سند" ؛ إن أراد " ثابت جيد" ؛ فمسلم؛ وإلا فقد علمت وروده.


(احذروا البغي) ؛ أي: احترسوا من فعله؛ (فإنه) ؛ أي: الشأن؛ (ليس من عقوبة هي أحضر) ؛ أي: أسرع وقوعا؛ (من عقوبة [ ص: 190 ] البغي) ؛ فإنه يعجل جزاؤه في الدنيا سريعا؛ قال الحراني : و" البغي" : السعي بالقول؛ والفعل في إزالة نعم الله (تعالى) عن خلقه؛ بما اشتملت عليه ضمائر الباغي من الحسد.

(عد؛ وابن النجار ) ؛ في تاريخه؛ (عن علي) ؛ أمير المؤمنين - رضي الله (تعالى) عنه.



الخدمات العلمية