الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وجاز عفو أبي البكر عن نصف الصداق قبل الدخول وبعد الطلاق : ابن القاسم ، وقبله لمصلحة . وهل هو وفاق ؟ تأويلان ، [ ص: 501 ] وقبضه : مجبر ، ووصي ،

التالي السابق


( وجاز عفو أبي البكر ) المجبرة كثيب صغيرة لا غيره ولو وصيا مجبرا ( عن نصف الصداق ) أي مسامحة الزوج منه ( قبل الدخول وبعد الطلاق ) لقوله تعالى { إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } لا قبله هذا قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه .

وقال ( ابن القاسم و ) يجوز عفو أبي البكر عن نصف الصداق قبل الدخول و ( قبله ) أي الطلاق ( لمصلحة ، وهل ) قول ابن القاسم ( وفاق ) لقول الإمام أو خلاف في الجواب ( تأويلان ) في قولها لا يجوز عفو الأب قبل الطلاق . ابن القاسم إلا لوجه كعسر الزوج فيخفف عنه وينظره فيجوز ذلك إذا رضيت . أبو الحسن ظاهر قول مالك رضي الله تعالى عنه وإن كان نظرا وبهذا يتجه كون قول ابن القاسم خلافا . وقال عياض في كون قول ابن القاسم خلافا لقول مالك رضي الله تعالى عنه قولان لأشياخنا ا هـ . [ ص: 501 ] ونحو ما فيها لابن الحاجب . ابن عبد السلام نقل المؤلف هو الصحيح لا ما قاله ابن بشير من أنه لم يختلف مالك وابن القاسم في جواز التخفيف قبل الطلاق إذا ظهرت المصلحة كما لم يختلفا في عدم جوازه إذا علم أنه لا مصلحة فيه ، وإنما اختلفا إذا جهل الحال . ا هـ . وتبعه الموضح .

ومفهوم قبل الدخول أنه لا يجوز عفوه بعده ، وبه صرح في الجلاب ، واقتصر عليه القرافي . ووجهه والمصنف في التوضيح ، ولا فرق بين الرشيدة وغيرها ففي سماع محمد بن خالد أن الصغيرة إذا دخل الزوج بها وافتضها ثم طلقها قبل بلوغها فإنه لا يجوز العفو عن شيء من صداقها لا من الأب ولا من غيره . ابن رشد هذا كما قال لأنه إذ دخل بها وافتضها فقد وجب لها جميع صداقها بالمسيس فليس للأب أن يضع حقا قد وجب لها إلا في الموضع الذي أذن الله له فيه وهو قبل المسيس ، لقوله عز وجل { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } . وإذا منع العفو في الصغيرة بعد الدخول ففي السفيهة أحرى .

( وقبضه ) أي الصداق ولي ( مجبر ) بضم الميم وسكون الجيم وكسر الموحدة شمل الأب ووصيه الذي أمره بالجبر ( و ) شخص ( وصي ) من الأب على التصرف في مال البنت ومثلهما القاضي ومقدمه على يتيمة مهملة ، وإن أوهم اقتصاره على المجبر والوصي في مقام البيان الحصر فيهما . البناني المذهب أن ولي النكاح ليس له قبض الصداق إلا القاضي ومقدمه . ابن عرفة بعد ذكره أن اليتيمة المهملة لا تقبض صداقها ، قال والخلاص في ذلك بما قاله بعضهم أن يحضر الولي والزوج والشهود ويشتري بنقدها جهازها ويدخلونه بيتها ذكره المتيطي معزوا لبعضهم ، وعزاه ابن الحاج في نوازله لمالك رضي الله تعالى عنه . قلت أو بتعيين الحاكم من يقبضه ويصرفه فيما يأمره مما يجب وقاله ابن الحاج في نوازله ا هـ . كلام ابن عرفة ، وبه تعلم أنه لا خصوصية للمجبر والوصي ، وفي وثائق الغرناطي لا يقبض الصداق إلا أحد سبعة : الأب والوصي والقاضي لمن إلى نظره والسيد لأمته [ ص: 502 ] والمالكة أمر نفسها ووكيلهم والحاضن للبكر اليتيمة التي ليست في ولاية إذا كان صداقها مما تجهز به ا هـ من أبي الحسن .




الخدمات العلمية