الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1083 - " أصدق الرؤيا؛ بالأسحار " ؛ (حم ت حب ك هب)؛ عن أبي سعيد ؛ (صح).

[ ص: 530 ]

التالي السابق


[ ص: 530 ] (أصدق الرؤيا) ؛ الواقعة في المنام؛ (بالأسحار) ؛ أي: ما رآه في الأسحار؛ لفضل الوقت بانتشار الرحمة فيه؛ ولراحة القلب والبدن بالنوم؛ وخروجها عن تعب الخواطر؛ وتواتر الشغوب والتصرفات؛ ومتى كان القلب أفرغ؛ كان الوعي لما يلقى إليه أكثر؛ لأن الغالب حينئذ أن تكون الخواطر والدواعي مجتمعة؛ ولأن المعدة خالية؛ فلا تتصاعد منها الأبخرة المشوشة؛ ولأنها وقت نزول الملائكة للصلاة المشهودة؛ و" الأسحار" ؛ جمع " سحر" ؛ وهو ما بين الفجرين؛ وقال القونوي: " السحر" : زمان أواخر الليل؛ واستقبال أوائل النهار؛ والليل مظهر للغيب والظلمة؛ والنهار زمن الكشف والوضوح؛ ومنتهى سعيد المغيبات؛ والمقدرات؛ والغيبة في العلم الإلهي؛ ومن ثم قال علماء التعبير: رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار؛ وأصدق الساعات كلها الرؤيا وقت السحر؛ ولما كان زمان السحر مبتدأ زمان استقبال كمال الانكشاف والتحقيق؛ لزم أن يكون الذي يرى إذ ذاك قريب الظهور والتحقيق؛ وإليه أشار يوسف الصديق بقوله لأبيه: يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ؛ وقوله: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ؛ أي: ما كملت حقيقة الرؤيا إلا بظهورها في الحس؛ فإن بهذه ظهر المقصود من تلك الصورة الممثلة؛ وأينعت ثمراتها؛ وقال الحراني : " الأسحار" ؛ جمع " سحر" ؛ وأصل معناه: التعلل عن الشيء بما يقاربه؛ ويدانيه؛ ويكون منه توجه ما؛ فإن قلت: هذا يعارضه خبر الحاكم في تاريخه؛ والديلمي بسند ضعيف؛ عن جابر : " أصدق الرؤيا ما كان نهارا؛ لأن الله - عز وجل - خصني بالوحي نهارا" ؛ قلت: قد يقال: الرؤيا النهارية أصدق من الرؤيا الليلية؛ ما عدا وقت السحر؛ جمعا بين الحديثين.

(حم ت حب ك هب) ؛ كلهم من حديث دراج؛ أبي السمح؛ عن أبي الهيثم ؛ (عن أبي سعيد ) ؛ قال الحاكم : صحيح؛ وأقره الذهبي في التلخيص.



الخدمات العلمية