( 3825 ) فصل : بغير خلاف ; لأن الاستثناء رفع بعض ما تناوله اللفظ ، واستثناء الكل رفع الكل ، فلو صح صار الكلام كله لغوا غير مفيد ، فإن ولا يصح استثناء الكل . أو ثلاثة دراهم ودرهمان إلا درهمين . أو ثلاثة ونصف إلا نصفا ، أو إلا درهما . أو خمسة وتسعون إلا خمسة . لم يصح الاستثناء ، ولزمه جميع ما أقر به قبل الاستثناء . وهذا قول قال : له علي درهم ودرهم إلا درهما . وهو الذي يقتضيه مذهب الشافعي ، وفيه وجه آخر ، أنه يصح ; لأن الواو العاطفة تجمع بين العددين ، وتجعل الجملتين كالجملة الواحدة ، ومن أصلنا أن الاستثناء إذا تعقب جملا معطوفا بعضها على بعض بالواو ، عاد إلى جميعها ، كقولنا في قول الله تعالى : { أبي حنيفة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا : } إن الاستثناء عاد إلى الجملتين ، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته . ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم { } . لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه
والوجه الأول أولى ; لأن الواو لم تخرج الكلام من أن يكون جملتين ، والاستثناء يرفع إحداهما جميعا ، [ ص: 93 ] ولا نظير لهذا في كلامهم ، ولأن صحة الاستثناء تجعل إحدى الجملتين مع الاستثناء لغوا ، لأنه أثبت شيئا بلفظ مفرد ، ثم رفعه كله ، فلا يصح ، كما لو استثنى منها وهي غير معطوفة على بعضها ، فأما الآية والخبر ، فإن الاستثناء لم يرفع إحدى الجملتين ، إنما أخرج من الجملتين معا من اتصف بصفة ، فنظيره ما لو . قال للبواب : من جاء يستأذن فأذن له ، وأعطه درهما ، إلا فلانا
ونظير مسألتنا ما لو . لم يصح أيضا ; لأنه يرفع الجملة الأولى كلها ، فأشبه ما لو قال : أكرم زيدا وعمرا إلا عمرا . وإن قال : له علي درهمان وثلاثة إلا درهمين . وإن قال : أكرم زيدا وعمرا إلا زيدا ، خرج فيه وجهان ; لأنه استثنى أكثر الجملة التي تليه ، واستثناء الأكثر فاسد ، كاستثناء الكل . قال : له علي ثلاثة وثلاثة إلا درهمين