[ ص: 206 ] كتاب البيعين بالخيار قلت لابن القاسم : صف لي في قول بيع الخيار . مالك
قال : قال : بيع الخيار أن يقول الرجل : أبتاع منك هذا الثوب أو هذه الدار أو هذه الجارية أو هذه الدابة وأنا عليك فيها بالخيار هذا اليوم أو هذه الجمعة أو هذا الشهر ، قال : وقال مالك أما الثوب فلا بأس به أن يكون فيه بالخيار اليوم واليومين وما أشبه ذلك وما كان أكثر من ذلك فلا خير فيه ، والجارية يكون الخيار فيها أبعد من ذلك قليلا الخمسة الأيام والجمعة وما أشبه ذلك فلا بأس بالخيار إلى ذلك ينظر إليه خيرها وهيئتها وعملها والدابة تركب اليوم وما أشبهه . مالك
قال : فقلت : فإن اشترط أن يسير عليها البريد أو نحو ذلك ينظر إلى سيرها ؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يتباعد ، والدار أكثر من ذلك قليلا الشهر وما أشبهه ، وللأشياء وجوه من هذه الوجوه تشترى إليها ليعرفها الناس بوجه ما تختبر فيه ويستشار فيها فما كان مما يشتري الناس حاجتهم في الاختبار مثل ما وصفت لك فلا بأس بالخيار في ذلك وما بعد من أجل الخيار في ذلك فلا خير فيه لأنه غرر لا تدري إلى ما تصير إليه السلعة إلى ذلك الأجل ولا يدري صاحبها كيف ترجع إليه ، قال لمالك : والنقد في ذلك فيما بعد من الأجل وفيما قرب لا يحل بشرط ، وإن كانت دارا فلا بأس بالنقد فيما بينهما إذا كان بيع الخيار على غير النقد إن كان الخيار للبائع أو للمشتري . مالك
قلت : لغيره ولا ترى بأسا أن يشترط استخدام العبد وركوب الدابة ولبس الثوب ؟ فقال : أما إن اشترط لبس الثوب فإن ذلك لا يصلح ، وأما ركوب الدابة واستخدام العبد [ ص: 207 ] فإن ذلك لا بأس به ما لم يكن ركوب الدابة سفرا بعيدا يخاف عليها في مثله تغير شيء من حالها ، فأما البريد والبريدان فلا بأس به وما أشبههما ، وفرق ما بين العبد والثوب والدابة أنه لا يختبر الثوب باللبس ويختبر العبد بالاستخدام فيعرف بذلك عمله ونفاذه ونشاطه من ضعفه وبلادته وكسله فبذلك اختلفا ، وإنما كرهت بيع الخيار إلى الأجل البعيد لما فيه من الغرر والمقامرة أنه يبلغ له من الثمن ما لم يكن ليبلغه لولا الخيار الذي فيه على أن يكون ضمان ذلك منه إلى الأجل الذي ضربا فيه فزاده زيادة بضمانه السلعة إلى ذلك الأجل إن سلمت إليه أخذ السلعة بأقل من الثمن الذي يشتري به إلى ذلك الأجل بغير ضمان أو بأكثر لما اشترط عليه من ضمانها إليه وهو في ذلك ينتفع بها إلى ذلك الأجل بغير اختبار وقد يختبر فيما دون ذلك من الأجل ، وقد كره مالك . اشتراء السلعة بعينها إلى أجل بعيد بغير اشتراط النقد
قال : لما فيه من الخطر والقمار أنه زاده في ثمنها على أن يضمنها إلى الأجل وضمانها خطر وقمار . مالك
قلت : والخيار إن اشترطه البائع فهو له جائز مثل ما لو اشترطه المبتاع في قول ؟ مالك
قال : نعم .