الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أسلمت ثوبا في طعام ثم أنا تقايلنا ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : تجوز الإقالة إذا رد الثوب بحضرة الإقالة ولم يؤخر دفع ذلك الثوب .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان الثوب حين تقايلنا قائما عند صاحبه بعينه يعلمان ذلك فلما تقايلنا [ ص: 121 ] بعث ليؤتى بالثوب فأصاب الثوب قد تلف قال : فلا إقالة بينهما ويكونان على سلمهما لأنه لا يصلح له أن يقيله إلا بنقد فلما لم ينتقد بطلت الإقالة وإنما كانت الإقالة على ثوبه بعينه فتلف فلما تلف بطلت الإقالة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أقاله والثوب قائم بعينه فأصاب الثوب قد تلف فأعطاه مثله قبل أن يتفرقا أتجوز الإقالة أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا تلزمه الإقالة ولا تجوز ، فإن كانت الإقالة على رأس المال ورأس المال ثوب قائم بعينه لم يضع ، ثم إنه تلف بعد ذلك فليس له أن يعطي مكانه مثله لأن الإقالة إنما وقعت على ذلك الثوب الذي تلف بعينه .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : ولو أن رجلا أعطى رجلا عبدا له أو فرسا أو بغلا أو حمارا في طعام إلى أجل ، وذلك الأجل شهر فعسر صاحب الطعام به وقد اختلفت الأسواق والرقيق اتضعت والدواب مثل ذلك أيجوز له أن يقيله ويرده إليه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إذا كان على حاله .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : إلا أن يدخله عور أو نقصان أو زيادة فإن دخله هذا فالإقالة مفسوخة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فأصل قول مالك في هذا كله إن أنا أسلمت حيوانا أو دواب أو رقيقا أو عروضا ثيابا أو غير ذلك مما هو في العروض مما يكال أو يوزن ومما لا يكال ولا يوزن ، إذا كان مما لا يؤكل ولا يشرب أسلمت ذلك في طعام إلى أجل فتقايلنا والسلع التي أسلمت إليه في هذا الطعام قائمة بعينها إلا أنها قد تغيرت بالأسواق لسعر رخص أو غلا فلا بأس بالإقالة بيننا ؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وإن دخل هذه العروض وهذا الحيوان نقصان في أبدانها تخرقت العروض أو أصابها حرق أو أصاب الحيوان عور أو عرج أو عمى أو شلل أو صمم أو نحو ذلك ثم تقايلنا لم تجز الإقالة فيما بيننا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وإن تلفت العروض وماتت الحيوان والرقيق ثم تقايلنا بعد ما تلفت العروض ومات الرقيق والحيوان فالإقالة فيما بيننا لا تجوز وعليه مثل الحيوان والرقيق والعروض يدفعها بحضرة ذلك قبل أن يتفرقا .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم لا تجوز الإقالة بعدما تلفت العروض والحيوان .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية