الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ترك المساقاة قلت : أرأيت المساقي إذا أخذ النخل ثلاث سنين ، فعمل في النخل سنة ، ثم أراد [ ص: 571 ] أن يترك النخل ولا يعمل ؟ قال : ليس ذلك له . قلت : وليس لرب النخل أن يأخذ نخله ، حتى ينقضي أجل المساقاة ؟ قال : نعم . قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم . قلت : فإن رضيا أن يتتاركا قبل مضي أجل المساقاة ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني لا أرى بأسا أن يتتاركا ، إذا لم يأخذ أحدهما من صاحبه على المتاركة شيئا ; لأن مالكا قال في الذي يعجز عن السقي : أن يقال له ساق من أحببت أمينا ، فإن لم تجد أسلم إلى رب الحائط حائطه ، ولم يكن لك عليه شيء ولم يكن له عليك شيء ; لأنه لو ساقاه ذلك جاز كما جاز في الأجنبي . قلت : أرأيت إذا أخذت الحائط مساقاة ، فلم أعمل فيه ولم أقبضه من ربه ، إلا أنا قد فرغنا من شرطنا . أيكون لواحد منا أن يأبى ذلك ؟ قال : هو بيع من البيوع ، إذا عقدا ذلك بالقول منهما فقد لزمهما ذلك ، وهو قول مالك . قال ابن القاسم : والذي أخبرتك من المساقي ورب الحائط إذا تتاركا بغير جعل أنه لا بأس به ، فإن طعن فيه طاعن فقال : هذا بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها ، فإن الحجة على من قال ذلك ، أن العامل في النخل لا بأس به أن يدفع النخل إلى غيره معاملة ، فإذا كان لا بأس به أن يدفع النخل معاملة إلى غيره ، فهو إذا تارك النخل . فكأنه دفعه إلى رب النخل معاملة بالذي أخذه ، فلا بأس بذلك ، وهو فيما بلغني قول مالك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية