الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يقول للخياط : إن خطت لي ثوبي اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فأجرك نصف درهم قلت : أرأيت إن دفعت إلى خياط ثوبا يخيطه لي فقلت له : إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا ؟ قال : لا تجوز هذه الإجارة عند مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه يخيطه على أجر لا يعرفه فهذا لا يعرف أجره ، فإن خاطه فله أجرة مثله ، وقال غيره : إلا أن يكون أجر مثله أقل من نصف درهم فلا ينقص من نصف درهم أو يكون أكثر من درهم فلا يزاد على درهم .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فإن كان أجر مثله أكثر من درهم أو أقل من نصف درهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ينظر فيه إذا خاطه عند مالك إلى درهم ولا إلى نصف درهم له أجرة مثله بالغا ما بلغ .

                                                                                                                                                                                      وقال عبد الرحمن : وهذا من باب بيعتين في بيعة .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقول عبد الرحمن حسن .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك بعض البيوع الفاسدة إذا قبضها المشتري ففاتت في يديه ، فعليه قيمتها يوم قبضها بالغة ما بلغت ، ولا يلتفت في ذلك إليه ما سميا من الثمن في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : والخياط والصباغ في هذا - إذا كانت الإجارة فاسدة - مثل البيع الفاسد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك إن دفعت إليه ثوبا خاطه خياطة رومية فبدرهم وإن خاطه خياطة عربية فبنصف درهم ؟ قال : هذا مثل ما وصفت لك في الإجارة الفاسدة في رأيي [ ص: 420 ] . ابن وهب قال : وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال : ينهى أن يقول الرجل للعامل : اعمل لي متاعي هذا فإن قضيتنيه غدا فإجارتك كذا وكذا ، وإن قضيتنيه في بعد غد فإجارتك كذا وكذا ؟ قال : هذا من بيعتين في بيعة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية