الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن قصارين أو حدادين أو أهل الصناعات كلهم اشتركا ، أهل نوع ، على أن ما رزق الله بينهما ، فمرض أحدهما وعمل الآخر ؟ قال : قال مالك : إذا اشتركا وكانا في حانوت ، فمرض أحدهما وعمل الآخر ، والعمل بينهما فلا بأس بذلك . وكذلك إن غاب أحدهما اليوم واليومين وما أشبهه ، وعمل الآخر ، فالعمل بينهما ، لأن هذا أمر جائز بين الشركاء . قال ابن القاسم : ولكن إن مرض فتطاول به مرضه أو ما أشبهه ، وغاب فتطاول ذلك ، فهذا يتفاحش . فإن عمل الحاضر والصحيح ، فأحب أن يجعل نصف العمل لشريكه الغائب أو المريض من غير شرط ، كان بينهما في أصل الشركة أنه : من مرض منا المرض الطويل ، أو غاب مثل الغيبة البعيدة ، فما عمل الآخر فهو بينهما . فإذا لم يكن هذا الشرط ، وأراد العامل أن يعطي المريض أو الغائب نصف ما عمل ، فلا بأس بذلك . وإن كان الشرط بينهما فالشركة فاسدة . قلت : تحفظ هذا عن مالك في المرض الطويل والغيبة الطويلة ؟ قال : لا ، إلا أن مالكا قال : يتعاون الشريكان [ ص: 599 ] في المرض والشغل فحملت أنا ذلك على المرض الخفيف والغيبة القريبة قلت : فإن كان هذا الشرط بينهما وأفسدت هذه الشركة بينهما ، كيف يصنع بما عملا ؟ قال : يكون ما عملا إلى يوم مرض أو غاب ، بينهما على قدر عملهما .

                                                                                                                                                                                      وما عمل الصحيح بعد المريض أو الحاضر بعد الغائب فذلك للعامل ، ولا يكون لصاحبه فيه شيء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية