الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن تكاريت دابة إلى برقة ذاهبا وراجعا فلما بلغت برقة تعديت عليها إلى إفريقية ثم رددتها إلى مصر ما يكون لرب الدابة في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : رب الدابة مخير بين أن يكون له الكراء إلى برقة ذاهبا وراجعا ومثل كراء دابته من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى برقة فيكون له من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا الكراء الذي سميا بينهما ويكون له من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا قيمة كرائها ، وإن أحب رب الدابة أن يأخذ نصف كراء دابته إلى برقة ذاهبا ويضمنه قيمتها ببرقة يوم تعدى عليها إلى إفريقية ولا يكون له في الكراء في ذهابه بدابته إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى مصر قليل ولا كثير - فذلك له .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولا يكون له الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إذا رضي أن يضمنه قيمة دابته يوم تعدى عليها لم يكن له من الكراء فيما بينه وبين برقة إلى مصر في رجعته قليل ولا كثير .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن رد الدابة على حالها يوم تعدى عليها أو ردها وهي أسمن وأحسن حالا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : رب الدابة بالخيار إن شاء ضمنه وإن شاء أخذ دابته وأخذ الكراء الذي ذكرت لك .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : لأن الأسواق قد تغيرت فسوق هذه الدابة قد تغير وقد حبسها المكتري عن أسواقها وعن منافع فيها . فقلت : أرأيت إن تكاريت دابة لأحمل عليها خمسمائة رطل من دهن فحملت عليها خمسمائة رطل من رصاص فعطبت الدابة أأضمن أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ينظر في ذلك ، فإن كان الرصاص هو أتعب عليها وأضر بها ، فهو ضامن وإلا فلا ضمان عليه وهذا قول مالك . [ ص: 490 ] قال : وقال مالك : له أن يكريها في مثل ما اكتراها فيه ويحمل عليها غير ما اكتراها عليه إذا كان الذي يحمله عليها ليس فيه مضرة على الذي تكاراها عليه فإذا كان الرصاص في الوزن مثل وزن الدهن وليس هو أكثر من مضرة الدهن فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية