اشتراء الغائب قلت : أرأيت لو أني في قول اشتريت من رجل عبدا غائبا وهو في موضع بعيد لا يجوز النقد فيه فهلك العبد بعد الصفقة ممن مصيبته ؟ مالك
قال : قد اختلف قول فيه فيما سمعت منه ، والذي أخذته لنفسي من قول مالك : إن المصيبة من البائع إلا أن يشترط البائع الضمان من المشتري ، قلت : أرأيت لو أني مالك قال : نعم إذا كان البائع قد عرف ما باع . اشتريت من رجل دارا غائبة وقلت : قد عرفتها ولم نصفها في كتابنا أيجوز هذا الشراء ؟
قلت : ما قول فيمن مالك قال : لا بأس بذلك عند باع غنما عنده له غائبة بعبد غائب ، ووصف كل واحد منهما لصاحبه سلعته ثم تفرقا قبل القبض ؟ . مالك
قلت : فإن قال : لا خير في هذا ، وهذا دين بدين . ضربا للسلعتين أجلا يقتضيانهما إليه ؟
قلت : فإن قال : لا يصلح تفرقا أو لم يتفرقا إذا ضربا الأجل لأن السلعة لا تباع إذا كانت بعينها إلى أجل إلا أن يكون قال : آتيك بالسلعة غدا أو بعد غد فهذا لا بأس به ، فإن ضربا لإحدى السلعتين أجلا ولم يضربا للأخرى ثم تفرقا قبل القبض ؟ أنه لا خير فيه لأنه مخاطرة ، فإن نزل ذلك فالبيع ماض والشرط باطل . قال : إن لم آتك بها غدا أو بعد غد فلا بيع بيني وبينك
قلت : أرأيت أصل قول أن من مالك أنه إذا كان ذلك قريبا لم يكن بذلك بأس ، ولا بأس بالنقد في ذلك وإن كان ذلك بعيدا جاز البيع ، ولا يصلح النقد في ذلك إلا أن يكون دورا أو أرضين أو عقارا فإنه لا بأس بالنقد في ذلك بشرط كان قريبا أو بعيدا ؟ باع عروضا أو حيوانا أو ثيابا بعينها وذلك الشيء في موضع غير موضعهما
قال : نعم هذا قول . مالك
قال : وقال : وذلك أن الدور والأرضين أمر مأمون . مالك
قلت : وكذلك إن لم يجز لي أن أنقد الثوب مثل ما لم يجز لي أن أنقد الدنانير إذا كان ثمن الدابة دنانير ؟ اشتريت دابة في بعض المواضع وموضعها بعيد بثوب بعينه
قال : نعم كذلك قال . [ ص: 261 ] قلت : ولم كرهه مالك أن أنقد الثوب كما كره النقد في الدنانير ؟ مالك
قال : لأن الثوب ينتفع به ويلبس فلا خير في النقد في ذلك .
قال : وقلت : فلو أن لمالك أو يكون مثل الحيوان والعروض في الشروط والنقد ؟ رجلا مر بزرع رجل فرآه وهو منه على مسيرة اليوم واليومين فاشتراه على أن أدركت الصفقة الزرع ولم تصبه آفة فهو من المبتاع أترى هذا البيع جائزا
قال : أراه بيعا جائزا ، وأراه من المبتاع إذا اشترط الصفقة إن أصيب بعد الصفقة .
قلت : أرأيت في قول ما اشتريت من سلعة بعينها غائبة عني بعيدة مما لا يصلح النقد فيها فماتت بعد الصفقة ممن ضمانها ؟ مالك
قال : قد اختلف قول فيها وآخر قوله أن جعل مصيبة الحيوان من البائع إلا أن يشترط على المشتري الصفقة والدور والأرضين من المشتري وأحب قوله إلي من الحيوان أن يكون من البائع ، وأما الدور والأرضون فهي من المشتري على كل حال فيما أصابها بعد الصفقة من غرق أو هدم أو حرق أو سيل أو غير ذلك ، وإنما رأيت ذلك لأن الأرضين والدور قال لي مالك : يجوز فيها النقد وإن بعدت لأنها مأمونة ، والحيوان لا يجوز فيه النقد ، ولذلك رأيت الدور والأرضين من المشتري . مالك
قلت : أرأيت إن قال : لا يكون في هذا كفالة لأنه إنما اشترى منه غائبا بعينه ألا ترى أنه لو ماتت الدابة أو العبد لم يضمن البائع شيئا ولا يصلح النقد فيه . قلت : فإن اشتريت منه عبدا أو دابة غائبة فأخذت منه بها كفيلا ؟ قال : نعم . كانت قريبة مما يصلح النقد فيها لم يصلح الكفيل فيها أيضا ؟
قلت : فإن كانت بموضع قريب مما يصلح النقد فيها فماتت فما قول في ذلك ؟ مالك
قال : قال : في العبد الغائب أنه من البائع حتى يقبضه المشتري إلا أن يشترط البائع على المشتري أنها إن كانت اليوم بحال ما وصفت لك فمصيبتها منك فيشتري على ذلك المشتري فتلفها من المشتري إذا كان تلفها بعد الصفقة وكانت يوم تلفت على ما وصفت لك مالك قال : ولم يقل لي في قرب السلعة ولا بعدها شيئا ، وأرى أنا أن ذلك في القريب والبعيد سواء إلا في الدور والأرضين . مالك