الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء في المساقي يشترط لنفسه مكيلة من التمر قلت : أرأيت العامل في النخل ، إذا اشترط لنفسه مكيلة من التمر مبدأة على رب الحائط ، ثم ما بقي بعد المكيلة بينهما بنصفين ، أو اشترط رب الحائط مكيلة من التمر معلومة ، ثم ما بقي بعد ذلك بينهما ، فعمل على هذا . فأخرجت النخل تمرا كثيرا ، أو لم تخرج شيئا ، ما القول في ذلك ؟ قال : العامل أجير وله أجرة مثله أخرجت النخل شيئا أو لم تخرج . وما أخرجت النخل من شيء فهو لرب الحائط .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن دفعت إليه نخلا مساقاة ، على أن ما أخرج الله منها فبيننا نصفين على أن يقول رب النخل للعامل : لك نخلة من الحائط جعل ثمرة تلك النخلة للعامل دون رب الحائط ؟ قال : لا يجوز هذا عند مالك ; لأن العامل قد ازداد .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أخذت حائطا لرجل مساقاة ، على أن لرب الحائط نصف ثمرة البرني الذي في الحائط ، وما سوى ذلك فللعامل كله . أيجوز هذا أم لا ؟ قال : لا يجوز هذا ; لأنه قد وقع الخطار بينهما . قلت : أرأيت إن دفع الحائط إليه مساقاة ، على أن جميع الثمرة للعامل . أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم ، قلت : ولم أجزت هذا وكرهت الأول الذي أخذ الحائط مساقاة ، على أن لرب الحائط نصف البرني ؟ قال : الذي أعطى حائطه مساقاة ، على أن جميع ثمرته للعامل ، ليس بينهما خطار .

                                                                                                                                                                                      وإنما هذا رجل أطعم ثمرة حائطه هذا الرجل سنة ، وأما الذي جعل نصف تمرة البرني لرب الحائط وما سوى ذلك فللعامل ، فهذا الخطار . ألا ترى أنه إن ذهب البرني كله ، كان العامل قد غبن رب الحائط . وإن ذهب ما سوى البرني ، كان رب الحائط قد غبن العامل قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي في البرني . قلت : أرأيت إن أخذت النخل معاملة ، على أن أخرج من ثمرة الحائط نفقتي ثم ما بقي فبيننا نصفين ؟ قال : لا يصلح هذا عند مالك . سحنون وحديث عمر بن عبد العزيز الذي في صدر الكتاب دليل على هذا . وقول عبيد الله بن أبي جعفر دليل على هذا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية